للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الملك الأشرف ثم هجرها الناصر وأخرجها من القلعة، وكانت جنازتها حافلة، ودفنت بتربتها التي أنشأتها.

الشيخ محمد بن جعفر بن فرعوش (١): ويقال له اللَّباد ويعرف بالمُوَلَّه، كان يقرئ الناس بالجامع نحوًا من أربعين سنة، وقد قرأت عليه شيئًا من القرآن (٢)، وكان يعلّم الصّغار الْحُرُوف الْمُشِقَّة، كالرّاء ونحوها، وكان متقلّلًا من الدنيا لا يقتني شيئًا، وليس له بيت ولا خزانة، إنما كان يأكل في السُّوق، وينام في الجامع.

توفي في مستهلّ صفر وقد جاوز السبعين، ودفن في باب الفراديس .

وفي هذا اليوم توفي بمصرَ:

الشّيخ أَيّوبُ السّعودي (٣): وقد قارب المئة، أدرك الشّيخ أبا السعود (٤) وكانت جنازته مشهودة. ودفن بتربة شيخه (٥) بالقَرَافة وكتب عنه قاضي القضاة تقي الدين السُّبكي في حياته، وذكر الشيخ أبو بكر الرحبي أنّه لم ير مثل جنازته بالقاهرة منذ سكنها .

الشيخ الإمام الزاهد نور الدين: أبو الحسن علي (٦) بن يعقوب بن جبريل البكري المصري الشافعي، له تصانيف، وقرأ "مسند الشافعي" على وَزيرة بنت المُنَجَّى، ثم إنه أقام بمصرَ، وقد كان في جملة من ينكر على شيخ الإسلام ابن تيمية فأراد بعض رجال الدولة قتله فهرب واختفى كما تقدم لما كان ابن تيمية مقيمًا بمصر، وما مثاله إلا مثال ساقية ضعيفة كدرة لاطمت بحرًا عظيمًا صافيًا، أو رملة أرادت زوال جبل، وقد أضحك العقلاء عليه، وقد أراد السلطان قتله فشفع فيه بعض الأمراء (٧)، ثم أنكر مرة شيئًا على الدولة فنفي من القاهرة إلى بلدة يقال لها دَهْرُوط (٨)، فكان بها حتى توفي يوم الإثنين سابع


(١) لم أقع على ترجمة له.
(٢) في ط: القراءات.
(٣) ترجمته في الدرر الكامنة (١/ ٤٣٥) والنجوم الزاهرة (٩/ ٢٦١).
(٤) هو: عمر بن أبي العشائر. مات سنة (٦٤٢ هـ). طبقات الأولياء (ص ٥٤٩).
(٥) زاوية الشيخ عمر السعودي.
(٦) ترجمته في الذيل (ص ١٣٣) وطبقات الشافعية للسبكي (٦/ ٢٤٢) والدرر الكامنة (٣/ ١٣٩) والشذرات (٦/ ٦٤).
(٧) ليست في ب.
(٨) في ط: ديروط. ودَهْروط: بليد على شاطئ غربي النيل من ناحية الصعيد فوق البَهْنَسا. ياقوت.
أقول: وقد ذكر ابن حجر في الدرر الكامنة (٣/ ١٤٠) سبب نفيه، أورده باختصار، لقد أنكر تواطؤ كريم الدين الكبير وكريم الدين الصغير مع النصارى على استعارة قناديل من جامع عمرو بن العاص وتعليقها في كنيستهم، ثم استدعاه السلطان فذكر له الحديث: "أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر" وهو يعرض بالسلطان الناصر، فأمر بقطع لسانه، ثم خفف ذلك إلى النفي إلى دهروط.

<<  <   >  >>