للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبين الجيش، ثم خرج فحُمل على سروج يسيرة محتاطًا عليه إلى ناحية الديار المصرية، واستوحش من أهل الشام عند باب النصر، فتباكى النَّاسُ رحمةً له وأسفًا عليه، لديانته، وقلة أذيته وأذية الرعية وإحسانه إلى العلماء والفقراء والقضاة.

ثم في صبيحة يوم الخميس الثالث والعشرين منه احتيط على الأمراء الثلاثة، وهم الأمير سيف الدين طَيْبُغا حاجي أحد مقدّمي الألوف، والأمير سيف الدين قُطْلِيْجا (١) الدوادار أحد المقدمين أيضًا والأمير علاء الدين أَيْدُغْمُش المارداني أحد أمراء الطبلخانات (٢)، وكان هؤلاء ممن حضر نائب السلطنة المذكور وهم جلساؤه وسُمَّارُه، والذين بسفارته أعطَوا الأجناد والطبلخانات والتَّقادم، فرفعوا إلى القلعة المنصورة معتقلين بها مع مَن بها من الأمراء.

ثم ورد الخبر بأن الأمير عليًّا رُدَّ من الطريق بعد مجاوزته غزَّة وأُرسل إليه بتقليد نيابة صفد المحروسة، فتماثل الحال وفرح بذلك أصحابه وأحبابه.

وقدم متسلّم دمشقَ الذي خلع عليه بنيابتها بالديار المصرية في يوم الخميس سادس عشر رجب بعد أن ذلك مرارًا، وباس الأرض مرارًا فلم يُعفِهِ السلطان، وهو الأمير سيف الدين أسَندَمُر (٣) أخو يَلْبُغَا اليَحْيَاوي (٤)، الذي كان نائب الشام، وبنته يومئذٍ زوجة السلطان، قدم متسلِّمه إلى دمشق يوم الخميس سلخ الشهر فنزل في دار السعادة (٥)، وراح القضاة والأعيان للسلام عليه والتودُّد إليه، وحملت إليه الضيافات والتقادم، انتهى والله أعلم.

كائنة وقعت بقرية القرية حوران فأوقع الله بهم بأسًا شديدًا في هذا الشهر الشريف

وذلك أنهم أشهر أهل قرية بحَوْران وهي خاص لنائب الشام وهم صليبة يمن، ويقال لهم: بنو نشبة وبنو ناشي، وهي حصينة منيعة يضوي إليها كل مفسد وقاطع ومارق، ولجأ إليهم أحد شياطين رُوَيْمن الْعَشِيرِ وهو عمر المعروف بالدُّنَيْط (٦)، فأعدُّوا عددًا كثيرة، وتهيّؤوا ليقيموا العشير، وفي هذا الحين بدرهم والي الولاة المعروف بشنكل منكل، فجاء إليهم ليردَّهم ويهديهم؛ وطلب منهم عمر الدنيط فأبَوْا


(١) في ط: فطليخا وهو تطبيع.
(٢) الذيل للحسيني ص (٣٢٧).
(٣) في ط: استدمر وهو تحريف.
(٤) في ط: البحناوي وهو تحريف. ويعرف: بأسَنْدَمر الزَّيني.
(٥) الذيل ص (٣٢٤) وفيه: دخلها يوم الإثنين حادي عشر شعبان.
(٦) الذيل التام للسخاوي (١/ ١٦٤).

<<  <   >  >>