ولي الدين بن أبي البقاء بعودِهِ إلى الوكالة عوضًا عن ابن شَمَرْيوخ، وكذلك بقضاء العساكر للقاضي فتح الدين كاتب السر، واستقرَّت الإقباليةُ في يد الشَّيخ عماد الدين الحُسباني بمرسومٍ شريف.
شهر ذي الحجّة، أولُه الجُمُعة. في نهارِ السّبت ثانيه رسم نائبُ السلطنة مَنْجَك بخرابٍ أماكن بينَ النَّهرين ظاهر البلدِ غربيَّ جامعِ يَلْبُغا، ثم ركب يوم الأحد إلى هناك، وفعل ذلك بحضوره، وهو قطع أشجار صفصاف أُنشئت هنالك، وهَدم (١) حوانيتُ مُحْدَثة أيضًا، وذهب للناس بسبب ذلك شيءٌ كثيرٌ من عمائم ومناديل، وسجاجيد، وغير ذلك، ثم توجَّه نحو مكان آخر أحدثَهُ جمالُ الدين بن الرُّهاوي في الوادي أيضًا سمَّتْهُ العوامُ قَطيَاء بين الجَبْهة وجسر ابن شواش، فرسم بخراب ذلك جميعه أيضًا فتمَّ ذلك، وكانت هذه المحلَّات يجاهرُ فيها بالمعاصي والفواحش والمنكر من شُرْبِ الخَمْر، وأكل الحشيش، وغير ذلك؛ فتضاعفت الأدعيةُ من أهل الصَّلاح لنائب السَّلطنة بدوام أيَّامه، ثم نادت المنادية في داخل البلد وظاهره بألا يبايع التجَّارُ امرأةً شابةً، ولا تجلسُ له على دكان إِلَّا ضُرِبَ، وخُلقَت لحيتُه، وطيفَ به.
وفي هذا اليوم: درّس الشيخ عماد الدين الحُسباني في الجاروخيّة، استعادها من القاضي شهاب الدين الزُّهري بمرسوم شريف.
وفي هذه السنة كَمُلَ بناءُ مدرسةٍ أنشأها الخواجا زين الدين عبد الرحمن الأَسْعَرْدي بالقرب من البيمارستان النوري شماليه بغرب، ورُتِّبَ فيها إمامٌ ومؤذنٌ وشيخُ قرّاء وهو شمسُ الدّين بن الجزريّ، وأُحدثت خطبةٌ بخان السّلطان العتيق خُطب فيها من قبل هذا الشهر، والله أعلم، والذي أحدثَها شمس الدين محمد بن المسلوت اللبَّان - أثابه الله وتقبّل منه.
[سنة أربع وسبعين وسبعمئة، أحسن الله تقضيها]
استهلّت هذه السنة وسُلطان الإسلام بالشّام والدّيار المصرية والبلاد الحلبيّة والحَرَمين الشَّريفين وما والى ذلك السُّلطان الملك الأشرفُ صلاح الدين شَعْبان بن أمير حسين ابن السلطان الملك الناصر محمد ابن الملك المنصور قلاوون الصَّالحي، وليس له نائبٌ بالدّيار المصرية.
وقضاةُ مصر قاضي القضاة برهانُ الدّين بن جماعة خَطيب القُدس الشريف كان، وقاضي القضاة صدر الدين بن جمال الدين بن التُّركماني الحنفي، وقاضي القضاة علم الدين الأَخْنَائي المالكي، وقاضي القضاة ناصر الدين نَصْرُ الله المقدسي الحنبلي، ونائب دمشقَ الأمير سيف الدين منجك - أعزه الله، وقضاةُ دمشق قاضي القضاة كمال الدين المَعَرّي الشافعي، وقاضي القضاة نجم الدين ابن قاضي القضاة
(١) في الأصل: (خراب). وما أثبته أشبه. انظر تاريخ ابن قاضي شهبة ٣/ ٤٠٠.