للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكذلك رُسم لنائب حماة وحمص أن يكونا عونًا للأمير سيف الدين بَيْدَمُر في ذلك، فلما كان يوم الجمعة رابعه التقوا مع حِيَار عند سلمية، فكانت بينهم مناوشات، فأخبرني الأمير تاج الدين الدوادار - وكان مشاهد الوقعة - أن الأعراب أحاطوا بهم من كل جانب، وذلك لكثرة العرب وكانوا نحو الثمانمئة، وكانت الترك من حماة وحمص وحلب مئة وخمسين، فرموا الأعراب بالنشاب فقتلوا منهم طائفة كثيرة، ولم يقتل من الترك سوى رجل واحد، رماه بعض الترك ظانًا أنه من العرب بناشج فقتله، ثم حجز بينهم الليل، وخرجت الترك من الدائرة ونهبت أموال من الترك ومن العرب، وجرت فتنةٌ وجردت أمراء عدة من دمشق لتدارك الحال، وأقام نائب السلطنة هناك ينتظر ورودهم، وقدم الأمير عمر الملقب بمصمع بن موسى بن مُهنَّا من الديار المصرية أميرًا على الأعراب وفي صحبته الأمير بدر الدين [رملة] (١) بن جماز أميران على الأعراب، فنزل مَصْمَع بالقصر الأبلق، ونزل الأمير رملة بالنُّوريَة على عادته، ثمّ توجها إلى ناحية حِيَار بمن معهما من عرب الطاعة ممن أضيف إليهم من تجريدة دمشق ومن يكون معهم من جيش حماة وحمص لتحصيل الأمير حيار، وإحضاره إلى الخدمة الشريفة، فالله تعالى يحسن العاقبة.

دخول نائب السلطنة الأمير سيف الدين بَيْدَمُر إلى دمشقَ

وذلك صبيحة يوم السبت التاسع عشر من شعبان، أقبل بجيشه من ناحية حلب وقد بات بوطأة بَرْزة ليلة السبت، وتلقّاه الناس إلى حماة ودونها، فلما كان هذا اليوم دخل في أُبَّهة عظيمة، وتجمُّل حافل، فقبّل العتبة على العادة، ومشى إلى دار السعادة ثم أقبلت جنائبه ونجائبه في لبوس هائلة باهرة، وعدد كثيرة، وفرح المسلمون به لشهامته وصرامته وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر، والله تعالى يؤيده ويسدده.

شهر رمضان المعظم، أوّله الخميس، شُرع في قراءة البخاري عليَّ في مسجد ابن هشام، وفي الجامع الأموي، وكذلك في جامع تنكز وبمسجد دار السعادة، وفي قراءة مسلم بالجامع أيضًا، وبجامع يَلْبُغا. والله المسؤول المأمول أن ينفع بذلك، ويقوّيني عليه بحوله وقوّته (٢).

وفي يوم الجمعة ثاني شهر رمضانَ خطبتِ الحنابلةُ بجامع القُبيبات، وعزل عنه القاضي شهاب الدين قاضي العسكر الحنفي، بمرسوم نائب السلطانَ، لأنّه كان يعرف أنه كان مختصًا بالحنابلة منذ عين إلى هذا الحين.

وفي يوم الجمعة السادس عشر منه قُتل عثمان (٣) بن محمد المعروف بابن دبادب الدقّاق بالحديد على


(١) ليست في أ و ب و ط.
(٢) ليست في أ و ب و ط. وهي في الأصل.
(٣) لعلّه ممن انفرد به ابن كثير.

<<  <   >  >>