للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما شهد عليه به جماعةٌ لا يمكن تواطؤُهم على الكذب، أنه كان يكثر من شتم الرسول ، فرُفع إلى الحاكم المالكي وادُّعي عليه، فأظهر التجابن ثم استقرَّ أمره على أن قتل قبَّحه الله وأبعده ولا رحمه.

وفي يوم الإثنين السادس والعشرين منه قتل محمد (١) المدعو زبالة الذي كان مهتارًا (٢) لابن معبد على ما صدر منه من سب النبي ودعواه أشياء كفرية، وذُكر عنه أنّه كان يكثر الصَّلاة والصِّيام، ومع هذا يصدر منه أحوال بشعة في حق أبي بكر وعمر وعائشة أم المؤمنين، وفي حق النبي ، فضُربت عنقه أيضًا في هذا اليوم في سوق الخيل والله الحمد والمنّة.

شهر شوال المبارك، أوّله السبت وفي ثالثَ عشره الخميس خرج المحمل السلطاني، وأميره الأمير ناصر الدين بن قرَاسُنْقُر، وقاضي الحجيج الشيخ شمس الدين محمد بن سند المحدِّث، أحد المفتين.

وفي أوائل هذا الشهر أُخذ رجل يقال له: حسن، كان خياطًا بمحلَّة الشَّاغور، ومن شأنه أن ينتصر لفرعون لعنه الله، ويزعمُ أنَّه مات على الإسلام، ويحتجُّ بأنه في سورة يونس حين أدركه الغرق قال: ﴿آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ [يونس: ٩٠] ولا يفهم معنى قوله: ﴿آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ﴾ [يونس: ٩١] ولا معنى قوله: ﴿فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى﴾ [النازعات: ٢٥] ولا معنى قوله: ﴿فَأَخَذْنَاهُ أَخْذًا وَبِيلًا﴾ [المزمل: ١٦] إلى غير ذلك من الآيات والأحاديث الكثيرة الدالة على أنْ فرعون أكفرُ الكافرين، كما هو مجمع عليه بين اليهود والنصارى والمسلمين.

وخرج نائب السلطنة الأمير بَيْدَمِر إلى الصيد بجميع الجيش من الأمراء وجند الحلقة بالعده التامّة، وكان خروجه بعدما لعب بالكرة يوم السبت، ثم ركب نصف الليل ليلة الأحد الثالث والعشرين من شوال نحو الغَسّولة، وضرب هنالك حلقًا عدّه، وحصل على صُيودٍ متعدّدة، وهذا شيء لم يعهد من أحد النواب، أنه يخرج جمع الجيش بالعدة الكاملة للصّيد، ولكن إنّما فعل هذا ليكون الجيش على أهبة متى طلب منهم النفير نفروا، وهذا مقصد جيد.

شهر ذي القعدة أوله الأحد، قدم نائب السلطنة، وصحبته الجيش من الصّيد، في صبيحة يوم الجمعة سادسِهِ، وصلَّى بالجامع الأموي يومئذٍ، وعليه خلعة سنية (٣).

وقدم البريد بطلب نائب السلطنة (٤) إلى الديار المصرية في تكريم وتعظيم، على عادة تَنْكِز، فتوجّه


(١) لعلّه ممن انفرد به ابن كثير.
(٢) في الأصل: مهتاز، وفي م: بهتار وهو وهم، المهتار: المَسْخرةُ.
(٣) ليست في أ و ب و ط. وهي في الأصل من قوله: وخرج نائب السلطنة الأمير بيدمر.
(٤) بيدمر الخوارزمي.

<<  <   >  >>