للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واستمرّ هناك، واستقل قطبُ الدين ابن شيخ السلامية بنظر الجيش بدمشق على عادته.

وفي شوّال خُلع على أمين الملك بالديار المصرية، ووُلّيَ نظر الدَّواوين فباشره شهرًا ويومين وعُزل عنه.

ذكر وفاة شيخ الإسلام أبي العباس تقي الدين أحمد بن تيمية قدّس الله روحه

قال الشيخ علم الدين البرزالي في تاريخه: وفي ليلة الإثنين العشرين من ذي القعدة توفي الشيخ الإمام العلامة الفقيه الحافظ الزاهد العابد القدوة شيخ الإسلام تقي الدين أبو العباس أحمد بن شيخنا الإمام العلامة المفتي شهاب الدين أبي المحاسن عبد الحليم بن الشيخ الإمام شيخ الإسلام أبي البركات عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم محمد بن تيمية الحرّاني ثم الدمشقي، بقلعة دمشق بالقاعة التي كان محبوسًا فيها، وحضر جمع كثير إلى القلعة، فأذن لهم في الدخول عليه، وجلس جماعة عنده قبل الغُسْل وقرؤوا القرآن وتبرّكوا برؤيته وتقبيله، ثم انصرفوا، ثم حضر جماعةٌ من النِّساء ففعلن مثل ذلك ثم انصرفن واقتُصِرَ على من يُغَسِّله، فلما فرغ من غسله أُخرج وقد (١) اجتمع الخلق بالقلعة والطريق إلى الجامع وامتلأ الجامع أيضًا وصحنه والكلّاسة وبابُ البريد وباب السّاعات إلى باب اللبادين والفَوَّارة، وحضرت الجنازة في الساعة الرابعة من النهار أو نحو ذلك ووضعت في الجامع، والجند قد احتاطوا بها (٢)) يحفظونها من الناس من شدة الزحام، وصُلّي عليه أولًا بالقلعة، تقدم في الصلاة عليه أولًا الشيخ محمد بن تمَّام (٣)، ثم صُلّي عليه بالجامع الأموي عقيب صلاة الظهر، وقد تضاعف اجتماع الناس على ما تقدم ذكره، ثم تزايد الجمع إلى أن ضاقت الرِّحاب والأزقَّة والأسواق بأهلها ومن فيها، ثم حمل بعد أن صُلّي عليه على الرؤوس، والأصابع، وخرج النَّعش به من باب البريد واشتدَّ الزحام وعلتِ الأصوات بالبكاء والنحيب والتَّرحُّم عليه والثناء والدعاء له، وألقى الناس على نعشه مناديلهم وعمائمهم وثيابهم، وذهبت النعال من أرجل الناس وقباقيبهم ومناديل وعمائم لا يلتفتون إليها لشغلهم بالنظر إلى الجنازة، وصار النعش على الرؤوس تارة يتقدم وتارة يتأخر، وتارة يقف حتى تمر الناس، وخرج الناس من الجامع من أبوابه كلها وهي شديدة الزحام، كل باب أشد زحمة من الآخر، ثم خرج الناس من أبواب البلد جميعها من شدة الزحام فيها، لكن كان معظم الزحام من الأبواب الأربعة: باب الفرج الذي أُخرجت منه الجنازة، وباب الفراديس، وباب النصر، وباب الجابية. وعظم الأمر بسوق الخيل وتضاعف الخلق وكثر الناس، ووضعت الجنازة هناك وتقدم للصّلاة عليه هناك أخوه زين الدين عبد الرحمن، فلمّا قُضيت الصَّلاة حُمل إلى مقبرة الصُّوفية فدفن إلى جانب أخيه شرف الدين عبد الله رحمهما الله، وكان دفنه قبل


(١) في ط: ثمّ.
(٢) ليست في أ وب.
(٣) في ط: محد.

<<  <   >  >>