للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأنَّ السّلطان رسم للأمير مَنْكَلي بُغَا أَن يَخرجَ إليه هو والجيشُ، فخشي من غائلة ذلك، وأن يقتتل

الجيشان، فقال: المَصْلحةُ في ترك ذلك، وأينما ذهبَ أَخَذْناه، فرسَمَ له السُّلطان بنيابة حلَبَ، فامتنع

من قبول ذلك، والتمسَ الرُّجوع إلى السَّمْعِ والطَّاعَةِ، فأجيب إلى ذلك، ولكن تفرَّقَ عنه أصحابُه،

وأخذَ السُلطانُ طائفةٌ من مماليكه، ونفَى آخرين، وحبس آخرين أيضًا، واضمحلَّ أمره، وسقطت

منزلته، وبانت خيانته.

سنة ثلاث وسبعين وسبعمئة، أحسن الله تقضّيها

استهلّت هذه السنة وسُلطان الإسلام بالدّيار المصرية وغيرها وما والاها والحرمين الشريفين والبلاد الشاميّة، والحلبيّة، وما هنالك إلى أذنة وطرسوس وأياس من بلاد الأرمن (١). السّلطان الملك الأشرف صلاح الدين شعبان بن أمير حسين ابن السلطان الملك الناصر محمد ابن السلطان الملك المنصور قلاوون الصالحي، وليس له نائبٌ بالدّيار المصريَّة (٢)، وقضاة مصر هم المذكورون قبلها.

ونائب الشام الأمير سيف الدين مَنْجَك، وقضاةُ دمشقَ هم المذكورون في التي قبلها أيضًا، وكذلك كاتبُ السِّرَ، وناظرُ الجيش، ووكيل بيت المال، ونقيبُ الأشراف، وناظر الحِسبة؛ هم المذكورون في التي قبلها، وناظرُ الدواوين الصاحبُ تاج الدين بن شمس الدين التاج إسحاق، ووالي المدينة الأمير ناصر الدين بن الغَاوي، وحجوبيّة الحُجَّاب شاغرة بعد وفاة تَوَكُّل.

شهرُ الله المحرّم، أوّلُه الثلاثاء. في يوم الخميس سابع عشره لبسَ الصَّاحِبُ شمسُ الدين البَهْنَسي خلعةً بنظرِ الجامع الأموي بمرسوم شريفٍ أوردهُ البريدُ؛ ففرح النَّاسُ به، وأُوقدت له الشُّموع، ودعوا له.

وقَدِمَ الحُجَّاجُ نهار الخميس رابع عشر منه، وأخبروا بوفاة الخطيب زين الدين (٣)، خطيب جامعِ التّوبة، وهو الشّريفَ الجَعْفَريّ في مرجعِهِ من الحجّ يوم الثلاثاء الخامس عشر من المحرم بعد مَعَانِ بمرحلة أو مرحلتين، ودفن هناك - رحمة الله تعالى، وكان من أماثِلِ الناس وأحاسنهم وأكارمهم، وقد درَّس وأفتى وقرأَ الحديث قراءةً حسنةً، وكتب كتابةً حسنةً منسوبةً، وابتنى دارًا بمحلَّةِ حَجَر الذَّهب اتجاه الخاتُونيَّة الجوَّانية من غربها، وهي دارٌ (٤) حسنةٌ، وكان يلبَسُ حسنًا ويأكلُ طيِّبًا، وكان قد نزل عن


(١) في الأصل (الأردن). تحريف.
(٢) لموت الأمير علي المارداني في المحرّم كما تقدّم.
(٣) هو: عمر بن عثمان بن مؤمن بن حازم، الخطيب السيّد الشريف.
ترجمته في: تاريخ ابن قاضي شهبة ٣/ ٤٠٦ - ٤٠٧ نقلًا عن ابن كثير، وإنباء الغمر ١/ ٣١ - ٣٢ وفيه: (ابن موسى) تحريف. والذيل التام ١/ ٢٥٤، والشذرات ٨/ ٣٩٢ وفيه: (ابن موسى) أيضًا.
(٤) في الأصل: (وهي دارًا). وهو غلط.

<<  <   >  >>