للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وظائفه حين خرج إلى الحجّ للشيخ الإمام العلامة عماد الدين الحُسْباني، وهو صهر (١) أبيه السيّد المذكور، فلما جاء خبرُه ولاهُ ملكُ الأمراء وظائفه جميعها فباشرها [من يومه، وخطب] (٢) بجامع التَّوبة نهار الجمعة، وهو الخامس والعشرين من المحرّم، وحضر عنده جماعةٌ من الأعيان والأصحاب، وخطب جيدًا بفصاحة وبلاغة وإجازة، وصلَّى صلاةَ كاملةً، قرأَ فيها ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى﴾ [الأعلى: ١] و ﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ﴾ [الغاشية: ١]، كما جاء في الصحيحين (٣)، ودرّس في الجاروخية يوم الأحد سابع عشر منه، وحضر عنده جماعة من الأعيان، وأخذ في قوله تعالى: ﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا﴾ [التوبة: ٣٦] الآية.

وفي صبيحة يوم السبت سادس عشر منه: خرج الأمير علاء الدين بن أقجاي (٤) الحموي الذي كان أميرَ الحاجّ هذه السنة من التّرسيم من دار العدل بسبب ما كان أسدى إلى النَّاس من الظُّلم في طريق الحجاز، فخرجَ إلى حمام تَنكُز وأخذ الموسى ليستحدَّ بها فجبَّ (٥) مذاكيرَهُ وأُنْثَيَيْه وهلةً واحدةً، فخرج ودمُه يسيلُ على فخذيه وسيقانه، فرجع إلى دار العدل ماشيًا، فأُعلمت التَّراسيم للحجَّاب ونائب السَّلطنة بذلك فلامُوه على ذلك، وحملوه إلى بيته مغشيًّا (٦) عليه بحيث إنّه يموتُ فلم يمت.

وفي أواخر هذا الشّهر وقَعَ خانٌ على مَنْ فيه خارجُ باب الفراديس اتِّجَاهَ قَنَاةِ العَوْنِي، وهو ملاصقٌ عمارة نائب السّلطنة مَنْجَك التي (٧) بناها حمامًا (٨). فمات فيه جماعةٌ من الناس، وغالبَ الدَّوابِّ التي كانت فيه.

شهر صفر المبارك، أوله الخميس. في العشر الأوسط منه قدم الأمير علاء الدين طَيْبُغَا الذي كان حاجب الحجاب بحماة على حجوبية الحجَّابِ بدمشق عوضًا عن الأمير تَوَكُّل، فنَزَلَ في دار الذَّهب أيامًا قلائل، ثمّ تّحوّل إلى دارِ مَلِك آص (٩) جوارِ جامع يَلْبُغا بمحلة سوقِ الخَيْل.


(١) في الأصل: (زوج). وهو وهم.
(٢) في الأصل: بياض قدر ثلاث كلمات.
(٣) رواه مسلم في كتاب الجمعة، باب: ما يُقرأ في صلاة الجمعة. رقم (٨٧٨) من حديث النُّعمان بن بشير. قال: كان رسول الله يقرأُ، في العيدين وفي الجمعة، بسبّح اسم ربَّك الأعلى، وهَلْ أتاك حديثُ الغاشية.
قال: وإذا اجتمع العيد والجمعة في يوم واحدٍ، يُقرأ بهما أيضًا في الصَّلاتين.
(٤) تقدم (ص ٦٣١ / حاشية: ١) أن "أقجبا" تحريف.
(٥) في الأصل: (فجمّ) وما أثبتهُ عن الذيل التام ١/ ٢٥٢. والمعنى واحدٌ.
(٦) في الأصل: (مغميًّا). وما أثبته عن الذيل التام.
(٧) في الأصل: (الذي) تحريف.
(٨) في الأصل: (حمامٌ). وهو غلط.
(٩) دار حسنة وتربة إلى جانبها شمالي جامع يلبغا. بناها الأمير سيف الدين ملك آص. المتوفّى سنة (٧٥٦ هـ). انظر تاريخ ابن قاضي شهبة ٣/ ٩٥.

<<  <   >  >>