للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي هذا الشّهر توفّي شهابُ الدين أحمدُ بن بَلَبَان (١) كاتب حُكْم المالكية، وأحدُ المُفتين على مذهب الإمام مالك، خلف مالًا كثيرًا وولدًا صغيرًا.

وتوفّي الأميرُ عِراقُ (٢) في العشرين منه وهو أحدُ الأمراء المقدَّمين الألوف، وقد جاوز المئة أو جازها، فلمّا كَبِرَ ستْه أُعطي طَبْلخاناه؛ وذلك لضُعْفه وكِبَرِ سِنّه، وأُعفِيَ من الخدمة، وصلّي عليه عندَ بابِ النّصر، ودُفنَ بتربته التي أنشأها اتجاه مسجد الفلوس من الغرب تحت مئذنة صُهيب.

وفي هذا الشّهر اشترى نائب السلطنة مَنْجَكَ حَجَرَ ماءٍ وأضافه إلى نَهْرٍ كَفَرْسُوسَيَة، ثم مع نهر الكريمي، ثم فصَلَه فأجراه في قناةٍ وحدَه إلى جسر الفحل (٣) وذكروا أنَّه أطلق منه فرعًا لزاوية الأحمدية، وفرعًا لمسجد هناك أيضًا، وابتنى هناك حوضًا هائلًا، وأجرى إليه الماء من النَّهر المذكور، وهذا الحوضُ هو الذي أمر بإحضاره من أراضي الصَّنَمين، وجرُّوه على العَجَل من هناك، وطولُ هذا الناووس (٤) نحوٌ من ستَّة أذرع على ما ذُكر، وارتفاعُه من الأرض نحو ثلاثة أذرعٍ وأزيد، وسيأتي ذكرُ تاريخ قدومه، ثم إنَّ هذا الماءَ يُسقى به أراض هناك، يباع لها.

شهرُ ربيع الأول، أوَلُه الجمعة. في ليلة ثاني عشره عملت المواليدُ في الجامع الأُموي على العادة، ولكن بالغَ النَّاظرُ في الوقيد، وعُلّقت الثَّريا بين القُبَّة والمئذنة وقناديل كثيرة بمئذنة العروس.

وفي العَشْرِ الأوسط منه توفّي القاضي شمس الدين الحواريُّ (٥) أحد نواب الحكم العزيز عوضًا عن قاضي القضاة كمال الدين الشَّافعي، وكان قد نابَ في الحُكْم في جهات كثيرة؛ منها القدس الشريف، وإياس من معاملة حلب، وكان مشكور السيرة.

وفي ليلة الثالث والعشرين منه قدمَ الإمامُ العلامة برهان الدين بن جماعةٍ خطيب القدس الشريف، فنزل في المدرسة الأمينية، فذهبَ النَّاسُ السَّلام عليه على العادة.

ولما كان يوم الإثنين خُلعَ عليه بنظرِ الحَرَمَيْن القدس والخليل، وألا يُقطع أمرٌ دونَه.


(١) ترجمته في: تاريخ ابن قاضي شهبة ٣/ ٤٠١، والدرر الكامنة ١/ ١٤٥، والذيل التام ١/ ٢٥٥، والشّذرات ٨/ ٣٨٨.
(٢) ترجمته في: تاريخ ابن قاضي شهبة ٣/ ٤٠٥، وإنباء الغمر ١/ ٢٨. وفيه: عراق بن عبد الله التركي. والذيل التام ١/ ٢٥٦.
(٣) في الأصل: طمس قدر كلمتين، وسيأتي على ذكره بعد قليل.
(٤) هو حوض محفورٌ من الحجر، وكأنه من مقابر النصارى. اللسان (نوس).
(٥) هو: محمد بن موسى بن ياسين بن مسعود القاضي. ترجمته في تاريخ ابن قاضي شهبة ٣/ ٤٠٨، وإنباء الغمر ١/ ٣٣. وفيه: (الحوراني).

<<  <   >  >>