للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وغيره، وأخذوه وذهبوا به إلى ناحية الكسوة، فلمّا كان عند قبة يَلبُغَا نزلوا وقيَّدوه وخصاياه من قصره، ثم ركب البريد وهو مقيّد وساروا به إلى السُّلطان، فلمَّا وصل (١) أمر بمسيره إلى الإسكندرية، وسألوا عن ودائعه فأقرَّ ببعض، ثم عُوقب حتى أقرَّ بالباقي، ثم قتلوه ودفنوه بالإسكندرية (٢)، ثم نقلوه إلى تربته بدمشقَ (٣) ، وقد جاوز الستّين، وكان عادلًا مهيبًا، عفيف الفرج واليد، والنَّاسُ في أيامه في غاية الرخص والأمن والصيانة، فرحمه الله، وبلّ بالرحمة ثراه.

وله أوقاف كثيرة من ذلك مرستان بصفدٍ، وجامع بنابلس وعجلون، وجامع بدمشق، ودار حديث بالقدس ودمشق، ومدرسة وخانقاه بالقدس، ورباط وسوق موقوف على المسجد الأقصى، وفتح شباكًا في المسجد انتهى والله تعالى أعلم.

وممَّن توفي فيها من الأعيان:

أمير المؤمنين المستكفي بالله: أبو الربيع سليمان (٤) بن الحاكم بأمر الله أبي العباس أحمد بن أبي علي الحسن بن أبي بكر بن علي ابن أمير المؤمنين المسترشد بالله الهاشمي العبَّاسي، البغدادي الأصل المصري المولد، مولده سنة ثلاث وثمانين وستمئة أو في التي قبلها، وقرأ واشتغل قليلًا، وعهد إليه أبوه بالأمر وخُطب له عند وفاة والده سنة إحدى وسبعمئة، وفوَّض جميع ما يتعلق به من الحل والعقد إلى السلطان الملك الناصر، وسار إلى غزو التتر فشهد مصافَّ شَقْحَب (٥)، ودخل دمشق في شعبان سنة اثنتين وسبعمئة وهو راكب مع السلطان، وجميع كبراء الجيش مشاة، ولما أعرض السلطان عن الأمر وانعزل بالكَرَك، التمس الأمراء من المستكفي أن يُسلطن من ينهض بالملك، فقلد الملك المظفر ركن الدين بيبرس الجاشنكير وعقدَ له اللِّواء وألبسه خلعة السلطنة، ثم عاد الناصر إلى مصر وعزَّر الخليفة في فعله، ثم غضب عليه وسيَّره إلى قوص فتُوفّي في هذه السنة في قُوص في مستهلّ شعبانَ.

(٦) ثم دخلت سنة إحدى وأربعين وسبعمئة

استهلّت يوم الأربعاء وسلطان المسلمين الملك الناصر محمّد بن الملك المنصور قلاوون، وقضاته بمصرَ هم المذكورون في التي قبلها، وليس في دمشقَ نائب سلطنة، وإنما الذي يسدُّ الأمور الأمير سيف


(١) كان وصوله الثلاثاء ثامن المحرّم سنة (٧٤١ هـ).
(٢) في يوم الثلاثاء منتصف المحرم. المصادر السابقة.
(٣) نقل في أوائل رجب سنة (٧٤٤) هـ إلى تربته جوار جامعه. الفوات (١/ ٢٥٨).
(٤) ترجمته في الذيل ص (٢١٤) والدرر الكامنة (٢/ ١٤١) وابن خلدون (٥/ ٤٤١) والنجوم الزاهرة (٩/ ٣٢٢) والشذرات (٦/ ١٢٦).
(٥) مرت في أحداث سنة (٧٠٢ هـ).
(٦) هنا انتهى السقط المستدرك. ومنذ بداية هذه السنة يصرّح عبد الرحمن ابن المؤلف بأنه ينقل من خطّ أبيه.

<<  <   >  >>