للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بين يدي ملك الأمراء، فاشتكوْا على قاضي قضاة الحنابلة شرف الدّين بن شيخ الجبل (١) أَنَّه يأكلُ أوقافهم (٢)، فطُلب إلى دار السَّعادة فأبدى عذرًا، ثم اشتكَوْا في يوم السبت، وتمالؤوا عليه، فأُخِّروا إلى أن يجيء القاضي الشّافعي الجديد من الدّيار المصريّة.

وتوفّي الصَّدرُ الكبيرُ تقيُّ الدّين عمرُ بنُ الصّدر نجم الدين محمد بن الصّدر نجم الدين بن أبي الطيّب (٣) في صبيحةِ يوم الأحد الرابع عشر من رجبٍ، وله من العمر نحو الخمسين سنة، وتركَ أموالًا جزيلة وأملاكًا هائلةً ثوَّرَها بهمّته وتحصيله، وتركَ أولادًا أربعةً ذكورًا، وكان بيده نظرُ الخزانة وثلاثُ تداريس ودار حديث، وصُلّي عليه الظهر يومئذٍ، ودفن بالسَّفح .

[ولاية الشيخ سراج الدين البلقيني قضاء الشافعية بدمشق]

وقدم قاضي القُضاة سراجُ الدَين عمرُ بن أَرسلان البُلْقيني الشافعي من الدّيار المصرية على خيلِ البريد حاكمًا وخطيبًا بدمشقَ وأعمالها، وشيخ دار الحديث عوضًا عن قاضي القضاة تاج الدّين السُّبكي، وهو إذ ذاك مُرسَّمًا عليه بالعَذْراوية داخل باب النصر، وكان قدومه صبيحةَ يوم الأحد الثامن والعشرين من رجب هذا، فجاء إلى الجامع الأموي فصلّى الظّهرَ إمامًا، ثم راح إلى العادليّة والناس معه كثيرون من أنواع الناس، ولمّا أصبح نهار الإثنين لبسَ الخِلعةَ، وقرئ تقليدُه بالمقْصورة، وراح إلى العادلية وحكم بها، واستناب الشيخ عماد الدين الحُسْباني، وحكم أيضًا يومئذ، واستناب أيضًا الشيخ شمس ابن قاضي [شهبة] (٤).

وأُخبرت بما وقع بديار مصر من الحريق بقلعة الجبل في أواخر هذا الشهر، وبالعُرس الحافل الهائل وعريسه الأتابك مَنْكَلي بُغَا على أختِ السّلطان [الأَشرف] (٥).

شهرُ شعبانَ المكرّم، أوّلُه الأربعاء. في مستهلّه درَّس قاضي القضاة البُلْقيني بالمدرسة الغَزَاليَّة والعادليّة وأخذ في قوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ﴾ [النحل: ٩٠] وخطب يوم الجمعة ثالثه بالجامع الأموي.


(١) هو: أحمد بن الحسن بن عبد الله، قاضي القضاة شرف الدين، المشهور بابن قاضي الجبل. سيأتي في وفيات ٧٧١ هـ.
(٢) هم جماعة من المرادوة الحنابلة. انظر المنهج الأحمد ٥/ ١٣٦.
(٣) ترجمته في تاريخ ابن قاضي شهبة ٣/ ٣٣٧. وأضاف (النّهاوندي) إلى نسبه.
(٤) في الأصل: طمس قدر كلمة. استدركته من تاريخ ابن قاضي شهبة ٣/ ٣١٥.
(٥) في الأصل: طمس قدر كلمة. استدركته من المصدر السابق نفسه.

<<  <   >  >>