للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[وحُدِّد ميعاد حديث يقرأ بعد المغرب تحت قبة النسر على الكرسي الذي يقرأ عليه المصحف، رتبه أحد أولاد القاضي عماد الدين بن الشيرازي، وحدّث فيه الشيخ عماد الدين بن السراج، واجتمع عنده خلق كثير وجم غفير، وقرأ في "السيرة النبوية" (١) من خطّي، وذلك في العشر الأول من هذا الشهر] (٢).

[أعجوبة من العجائب]

وحضر شاب عجمي من بلاد تبريز وخُراسان يزعم أنه يحفظ "البخاري" و "مسلمًا" و "جامع المسانيد" و "الكشاف" للزمخشري وغير ذلك من محافيظ (٣) في فنون أُخر. فلما كان يوم الأربعاء سلخ شهر رجب قرأ في الجامع الأموي بالحائط الشمالي منه، عند باب الكلاسة [عليَّ] من أول "صحيح البخاري" إلى أثناء كتاب العلم منه، من حفظه وأنا أقابل عليه من نسخة بيدي، فأدى جيدًا، غير أنه يصحُفُ بعضًا من الكلمات لعُجم فيه، وربما لحن أيضًا في بعض الأحيان، واجتمع خلق كثير من العامة والخاصة وجماعةٌ من المحدثين، فأعجب ذلك جماعةً كثيرين، وقال آخرون منهم: إن سرد بقيَّة الكتاب على هذا المنوال فعظيم جدًّا.

فاجتمعنا في اليوم الثاني وهو مستهل شعبان في المكان المذكور وحضر قاضي القضاة الشافعي وجماعة من الفضلاء، واجتمع العامة مُحْدقين، فقرأ على العادة غير أنَّه لم يطوّل كأول يوم، وسقط عليه بعض الأحاديث، وصحف ولحن في بعض الألفاظ، ثم جاء القاضيان الحنفي والمالكي فقرأ بحضرتهما أيضًا بعض الشيء، هذا والعامة محتفون به متعجبون من أمره، ومنهم من يتقرب بتقبيل يديه، وفرح بكتابتي له بالسَّماع على الإجازة، وقال: أنا ما خرجت من بلادي إلا إلى القصد إليك، وأن تجيزني، وذكرك عنها في بلادنا مشهور، ثم رحل (٤) إلى مصر ليلة الجمعة وقد كارمه القضاة والأعيان بشيء من الدراهم يقارب الألف.

شهر شعبان المكرّم، أوله الخميس، خرج من أوّله نائب السلطنة نحو الصنمين لإصلاح قناة بها، ثم عاد بعد أيام يسيرة، ونودي في البلد ألا يباع الأعراب شيئًا من السلاح، ولا غيرها من الأمتعة مطلقًا (٥).


(١) يعني السيرة النبوية التي ألفها ابن كثير وهي مطبوعة.
(٢) ما بين الحاصرتين ليس من الأصل. واستدركته من ط.
(٣) في ط: محاضيرها. تحريف.
(٤) في ط: دخل. وهو تحريف.
(٥) ليست في أ وب وط. وهي في الأصل.

<<  <   >  >>