للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صبيحة الأحد الحادي والعشرين منه، وأصبح نائب السلطنة فحضر الموكب على العادة.

وخلع على الأمير سيف الدين يَلْبُغا الصَّالحي، وجاء النص من الديار المصرية بجعله دويدارًا عوضًا عن سيف الدين كجكن (١).

وخلع في هذا اليوم على الصدر شمس الدين بن مُرّي (٢) بتوقيع الدست، وجهات أخر، قدم بها من الديار المصرية، فانتشر الخبر في هذا اليوم بإجلاس قاضي القضاة شمس الدين الكفري الحنفي، فوق قاضي القضاة، لكن لم يحضر في هذا اليوم، وذلك بعد ما قد أُمر بإجلاس المالكي فوقه.

شهر رجب الفرد، أوّله الأربعاء، وفي ثاني رجب توفي:

القاضي الإمام العالم شمس الدين (٣) بن مفلح المقدسي الحنبلي، نائب شيخه قاضي القضاة جمال الدين يوسف بن محمد المقدسي الحنبلي، وزوج ابنته، وله منها سبعة أولاد ذكور وإناث، وكان بارعًا فاضلًا متفتنًا في علوم كثيرة، ولا سيما علم الفروع، كان غاية في نقل مذهب الإمام أحمد، وجمع مصنفات كثيرة منها كتاب "المقنع" نحوًا من ثلاثين مجلدًا كما أخبرني بذلك عنه قاضي القضاة جمال الدين المزداوي، [وعلق على "محفوظة أحكام الشيخ مجد الدين بن تيمية" (٤) مجلدين، وله غير ذلك من الفوائد والتعليقات ، توفي عن نحو خمسين سنة، وصلّي عليه بعد الظهر من يوم الخميس ثاني الشهر بالجامع المظفّري، ودفن بمقبرة الشيخ الموفق] (٥)، وكانت له جنازة حافلة حضرها القضاة كلهم، وخلق من الأعيان وأكرم مثواه.

وفي صبيحة يوم السبت رابع رجب ضرب نائب السلطنة جماعة من أهل قبر عاتكة (٦) أساؤوا الأدب على النائب ومماليكه وذويه، بسبب جامع للخُطبة جُدِّدَ بناحيتهم، فأراد بعض الفقراء أن يأخذ ذلك الجامع ويجعله زاوية للرقاصين، فحكم القاضي الحنبلي بجعله جامعًا قد نصب فيه منبر، وقد قدم شيخ الفقراء على يديه مرسوم شريف بتسليمه إليه، فأنفت أنفس أهل تلك الناحية من عوده زاوية بعد ما كان جامعًا، وأعظموا ذلك، فتكلم بعضهم بكلام سيئ، فاستحضر نائب السلطنة طائفة منهم وضربهم بالمقارع بين يديه، ونودي عليهم في البلد، فأزداد (٧) بعض العامة إنكارًا لذلك


(١) في ط: كحلن. وقد مر الكلام عليه.
(٢) في ط: مرقي. تحريف.
(٣) ترجمته في الذيل للحسيني ص (٣٥٢) وفيه: أبو عبد الله محمد بن مفلح وتاريخ ابن قاضي شهبة (٣/ ٢١٣). والدرر الكامنة (٤/ ٢٦١) والنجوم الزاهرة (١١/ ١٦) والدارس (٢/ ٨٥) والذيل التام (١/ ١٩٠).
(٤) هو كتاب المنتقى للمجد بن تيمية.
(٥) ما بين الحاصرتين ليس في الأصل. واستدركته من ط.
(٦) محلة معروفة إلى اليوم بدمشق.
(٧) في ط: فأراد. تحريف.

<<  <   >  >>