للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي أواخر هذا الشهر احتيط على جماعة من المفسدين في الأرض من قطع الطرقات، وجلب الخمر، والعُدوان على الناس، فصلبوا، وطيف بهم في البلد، ومن أشهرهم رجلٌ يقال له: قَرَايَغْدِي، كان قد جرح رجلًا يقال له: ابن عيشه، فأتلفه، فصُلب قرا يغدي، ثم أنزل وقطعت يده اليمنى، فمات عقب ذلك.

شهر جمادى الأولى، أوّله السبت، في العشر الأوسط منه فتح حمّام جدّده ملك الأمراء الأمير علي المارداني نائب الشام كان إلى جانب داره النازل بها بالقصاعين، ففي نحو من شهرين وخمسة أيام استأنف جميع بنيانه، وجعل في داره منه مقصورة لأهله. وقد رأيته، ودخلت إليه ناظرًا إلى صفة بنيانه، فإذا هو حسن مختصر، فيه ستة أجرنة، وضوءه جيد، ومَشْلَحه (١) متسع، وله بابان أحدهما إلى درب ابن صبرة داخل باب الجابية، والآخر إلى القصاعين، وذلك مما ينتفع به.

وكسفت الشمس في يوم الجمعة الثامن والعشرين من بعد الصلاة، فصُلِّي للكسوف قبل أذان العصر وخطب الخطيب عند الأذان للعصر، ثم نزل، وأقيمت الصلاة للعصر، فصلّى ثم أطال الدعاء.

شهر جمادى الآخرة، أوّله الإثنين، ثم ثبت الأحد، في يوم الإثنين خامس عشره رجع قاضي القضاة تاج الدين السبكي من الديار المصرية على خيل البريد، فتلقاه الناس إلى أثناء الطريق، واحتفلوا له احتفالًا زائدًا في تهنئته بالسلامة.

وفي آخره عاد نائب السلطنة من الصيد بعد غيبة نحو من عشرة أيام أو أزيد) (٢).

[قتل الرافضي الخبيث]

وفي يوم الخميس سابع عشره أول النهار وجد رجل بالجامع الأموي اسمه محمود بن إبراهيم الشيرازي، وهو يسب الشيخين ويصرّح بلعنتهما، فرفع إلى القاضي المالكي قاضي القضاة جمال الدين المسلاتي فاستتابه عن ذلك، وأُحضر الضُّرَّاب، فأوّل ضربة قال: لا إله إلا الله، علي ولي الله، ولما ضُرب الثّانية لعن أبا بكر وعمر، فالتهمه العامة فأوسعوه ضربًا مبرحًا بحيث كاد يهلك، فجعل القاضي يستكفهم عنه فلم يستطع ذلك، فجعل الرّافضي يسب ويلعن الصَّحابة، وقال: كانوا على الضَّلال؛ فعند ذلك حمل إلى نائب السلطنة، وشهد عليه قوله بأنَّهم كانوا على الضلالة، فعند ذلك حكم عليه القاضي بإراقة دمه، فأخذ إلى ظاهر البلد فضربت عنقه وأحرقته العامة قبَّحه الله، وكان ممَّن يقرأ بمدرسة أبي عُمَر، ثم ظهر عليه الرّفض فسجنه الحنبلي أربعين يومًا، فلم ينفع ذلك، وما زال يصرِّحُ في كل موطن


(١) المشلح هنا مكان نزع الملابس.
(٢) ليست في أ وب وط، وهي في الأصل. من قوله: وقدم الصاحب علم الدين داود.

<<  <   >  >>