للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السعادة، خلع على الصاحب علم الدين داود المذكور، وعلى قاضي القضاة جمال الدين بن السراج شيخ الحنفية في زمانه، وجاء إلى المقصورة من الجامع الأموي، وقرئ تقليده هناك فاستناب الشيخ نور الدين ابن الصارم المحدّث، ثم راح إلى النورية فدرّس بها، وفي صحبته القضاة والأعيان، وجاء الناس للسلام عليه وتهنئته.

وتوفي الشيخ علي الغوطي (١) أحد مشاهير الفقراء له كلام، وفيه انطباع، ويعتقد فيه كثير من الناس أن له أحوالًا، وكانت جنازته حافلة، صُلّي عليه بكرة يوم الأحد الحادي والعشرين من هذا الشهر، وقد جاوز التسعين وسامحه -.

شهر ربيع الآخر، أوّله الخميس، في أول يوم منه توجّه قاضي القضاة تاج الدين السبكي الشافعي على خيل البريد إلى الديار المصرية، وصحبته القاضي ولي الدين ابن قاضي القضاة بهاء الدين بن أبي البقاء السبكي وجماعة من ذويه.

وخطب يوم الجمعة ثانيه بالجامع الأموي ابن أخته قاضي القضاة في المنصب والخطابة.

وفي ليلة الخميس ثامنه ولد لنائب السلطنة مَنْكَلي بُغَا ولد ذكرٌ من زوجته بنت السلطان الملك الناصر، فخلق الدولة بالخَلُوق، ودقت طبلخانة على باب دار السعادة، وهناه الأمراء والقضاة والخواص، وامتدحه الشعراء، فمن جملتهم فتح الدين كاتب السر (٢) الشريف أنشد في من أوّل قصيدة له: [من الوافر]

تبدّى في ثمانٍ من ربيع … فعوذناه بالسبع المثاني

تبدّى في ثمان وهو بدر … فواعجبًا لبدر في ثمانِ

وعملت لهذا المولد عقيقة حافلة للنساء بدار السعادة، حضر عند والدته بنت السلطان نساء الأمراء والأكابر بالتقادم والتحف والألطاف. ورأوا عندها ما بهرهم من الحشمة والسعادة والنعمة والألطاف والمشارب والأطعمة والطرب، وغير ذلك ما تتحدث به النساء بعضهنّ لبعض مما لم يكن بعض ذلك يخطر ببالهن.

وللرجال بالقصر الأبلق في محفل ما يعبَّرُ عنه.


(١) ترجمته في تاريخ ابن قاضي شهبة ٣/ ٢٦٥، والدرر الكامنة ٣/ ١٤٥، والذيل التام ١/ ٢١١١، وفيه: الفوطي. بالفاء.
(٢) هو محمد بن إبراهيم بن محمد، أبو بكر، فتح الدين المعروف بابن الشهيد، العالم الأديب الكاتب الفقيه. توفي مقتولًا بسيف السلطان سنة ٧٩٣ هـ.
انظر الدرر الكامنة ٣/ ٢٩٦، والذيل التام ١/ ٣٦٤، والشذرات ٨/ ٥٦٣.

<<  <   >  >>