للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المحدث الحافظ بتربة أمّ الصالح (١) عوضًا عن كمال الدين بن الشَّريشي، توفي بطريق الحج (٢) في شوال، وقد كان له في مشيختها ثلاث وثلاثون (٣) سنة، وحضر عند الذهبي جماعة من القضاة.

وفي يوم الثلاثاء صبيحة هذا الدرس أحضر الفقيه زين الدين بن عُبَيْدان الحنبلي من بعلبك وحوقق على منام رآه زعم أنه رآه بين النائم واليقظان، وفيه تخليط وتخبيط وكلام كثير لا يصدر عن مستقيم المزاج، كان كتبه بخطه وبعثه لي بعض أصحابه، فاستسلمه القاضي الشّافعي وحقنَ دمَهُ وعَزَّرَه، ونُودي عليه في البلد ومنع من الفتوى وعقود الأنكحة، ثم أطلق.

وفي يوم الأربعاء بُكْرةً باشر بدر الدين محمد بن بصخان (٤) مشيخة الإقراء بتربة أم الصالح عوضًا عن الشيخ مجد الدين التونسي توفي، وحضر عنده الأعيان والفضلاء، قد حضرته يومئذ، وقبل ذلك باشر مشيخة الإقراء بالأشرفية عوضًا عنه أيضًا الشيخ محمد بن خروف الموصلي.

وفي يوم الخميس ثالث عشري ذي الحجة باشر الشيخ الإمام العلامة الحافظ الحجّة شيخنا ومفيدنا أبو الحَجَّاج يوسف بن الزَّكي عبد الرحمن بن يوسف المزي مشيخة دار الحديث الأشرفية عوضًا عن كمال الدين بن الشريشي، ولم يحضر عنده كبير أحد، لما في نفوس بعض الناس من ولايته لذلك، مع أنه لم يتولَّها أحدٌ قبله أحقُّ بها منه، ولا أحفظ منه، وما عليه منهم؟ إذ لم يحضروا عنده فإنه لا يوحشه إلا حضورهم عنده، وبعدهم عنه أنس، والله أعلم (٥).

[وممن توفي فيها من الأعيان]

الشيخ الصّالح العابد الناسك: الورع الزاهد القدوة بقية السَّلف وقدوة الخلف أبو عبد الله محمد بن الشيخ الصالح عمر بن السيد القدوة الناسك الكبير العارف أبي بكر بن قوام بن علي بن قوام البالسي (٦)، ولد سنة خمسين وستمئة ببَالِسَ (٧)، وسمع من أصحاب ابن طبرزد، وكان شيخًا جليلًا بشوش الوجه حسنَ السَّمت، مقصدًا لكل أحد، كثير الوقار، عليه سيما العبادة والخير، وكان يوم قازان في جملة من كان مع الشيخ تقي الدين بن تيمية لما تكلم مع قازان، فحكى عن كلام شيخ الإسلام تقي


(١) هي المدرسة الصالحية. الدارس (١/ ٣١٦).
(٢) في ط: الحجاز.
(٣) في الأصل: ثلاثًا وثلاثين، وهو غلط.
(٤) في ط: بضحان.
(٥) ليست في ب، وهي كذلك في الدارس (١/ ٣٢) نقلًا عن ابن كثير.
(٦) ترجمته في الدرر الكامنة (٤/ ١٢٤) والدارس (٢/ ٢٠٨ - ٢٠٩) والشذرات (٦/ ٤٩).
(٧) "بالس": بلدة بين حلب والرّقة، كانت على ضفة الفرات الغربية، فلم يزل الفرات يشرق عنها حتى صارت بينهما في أيامنا هذه أربعة أميال. ياقوت.

<<  <   >  >>