للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شيخ، وخرَّج له المحدّث شمس الدين بن سعد مشيخة لم يُكْملها، وقرأ شيئًا كثيرًا، وأسمع شيئًا كثيرًا، وكان له خطٌّ حسن، وخلقٌ حسنٌ، وهو مشكور عند القضاة ومشايخه أهل العلم.

سمعت العلامة ابن تيمية يقول: نقلُ البِرْزالي نقرٌ في حَجَر.

وكان أصحابه من كل الطوائف يحبُّونه ويكرمونه، وكان له أولاد ماتوا قبله، وكتبت ابنته فاطمة "البخاري" في ثلاثةَ عشرَ مجلدًا فقابله لها، وكان يقرأ فيه على الحافظ المزي تحت القُبَّة، حتى صارت نسختها أصلًا معتمدًا يكتب منها الناس، وكان شيخ حديث بالنُّورية وفيها وقف كتبه بدار الحديث السَّيْفيَّة (١) وبدار الحديث القُوصيّة وفي الجامع وغيره وعلى كراسي الحديث، وكان متواضعًا محبَّبًا إلى الناس، متودّدًا إليهم.

توفي عن أربع وسبعين سنةً .

المؤرِّخ شمس الدين: محمد (٢) بن إبراهيم الجَزريّ (٣) جمع تاريخًا حافلًا (٤)، كتب فيه أشياءَ [حسنةً] (٥) استفاد (٦) منها الحافظ المزيّ والذَّهبي والبرْزالي يكتبون عنه ويعتمدون على نقله (٧)، وكان شيخًا قد جاوز الثمانين، وثقُل سمعه وضعُف خطُّه، وهو والد الشيخ نصير الدِّين (٨) محمَّد وأخوه مجد الدين.

[ثم دخلت سنة أربعين وسبعمئة]

استهلَّت هذه السنة وسلطان المسلمين الملك النَّاصر، وولاتُه وقضاته المذكورون في التي قبلها إلا الشافعي بالشام فتوفي القزويني وتولى العلَّامة السُّبكي.

وممّا وقع من الحوادث العظيمة الهائلة أن جماعة من رؤوس النَّصارى اجتمعوا في كنيستهم وجمعوا من


(١) في ط: السُّنيَّة وهو تحريف. الدارس (١/ ٢٧٥) الهامش (١).
(٢) ترجمته في الذيل ص (٢٠٨) والوفيات لابن رافع (١/ ٢٥١) والدرر الكامنة (٣/ ٣٠١) وشذرات الذهب (٦/ ١٢٤).
(٣) في ط: الجوزي وفي بعض المصادر الحريري. وهو تصحيف.
(٤) هو التاريخ الكبير والمسمّى حوادث الزمان وأنبائه ووفيات الأكابر والأعيان من أبنائه، ويقال له: تاريخ ابن الجزري. الأعلام (٥/ ٢٩٨). قال بشار: اختصر الإمام الذهبي قطعة منه. وتوجد قطعة مخطوطة منه في باريس فيها من ٦٨٩ - ٦٩٨ رقمها ٦٧٣٩، وفي استانبول قطعة نفيسة بخطه فيها من سنة ٧٢٤ إلى سنة ٧٣٦، منها صورة في مكتبة المجمع العلمي العراقي.
(٥) زيادة من الشذرات.
(٦) في ط: يستفيد.
(٧) قال بشار: في هذا القول شيء من التساهل، فكثيرًا ما أشار الذهبي إلى أن في تاريخه مجازفات.
(٨) في ط: ناصر الدين وهو تحريف. مات سنة (٧٧٨) هـ. الدرر (٤/ ١٥٧) والشذرات (٦/ ٢٥٨).

<<  <   >  >>