للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قدم هو وأخوه أيّام التتر من بلادهم إلى دمشقَ، وهما فاضلان، بعد التِّسعين وستمئة فدرَّس إمام الدين (١) في تربة أم الصَّالح، وأعاد جلال الدين بالبادرائية عند الشيخ برهان الدين ابن الشيخ تاج الدين شيخ الشَّافعية، ثم تقلبت بهم الأحوال إلى أن وُلِّيَ إمام الدين قضاء الشافعية بدمشق، انتزع له من يد القاضي بدر الدين بن جماعة، ثم هرب سنةَ قازان إلى الديار المصريّة مع الناس فمات هنالك، وأعيد ابن جماعة إلى القضاء، وخلت خطابة البلد سنة ثلاث وسبعمئة، فوليها جلال الدين المذكور، ثم وُلّيَ القضاء بدمشقَ سنة خمس وعشرين مع الخطابة، ثم انتقل إلى الديار المصرية سنة سبع وعشرين بعد أن عجز قاضي القضاة بدر الدين بن جماعة بسبب الضَّرر في عينيه، فلما كان في سنة ثمان وثلاثين تعصَّب عليه السُّلطان الملك الناصر بسبب أمور يطول شرحها، ونفاه إلى الشام، واتفق موت قاضي القضاة شهاب الدين بن المجد عبد الله كما تقدم، فولاه السلطان قضاء الشام عَودًا على بدءٍ، فاستناب ولده بدر الدين على نيابة القضاء الذي هو خطيب دمشق، كانت وفاته في أواخر هذه السنة (٢)، ودُفن بالصُّوفية.

وكانت له يد طولى في المعاني والبيان، ويفتي كثيرًا، وله مصنفات في المعاني، مصنَّف مشهور اسمه (التلخيص في علوم البلاغة) (٣) اختصر فيه "المفتاح" للسَّكَّاكيِّ (٤)، وكان مجموع الفضائل، مات وكان عمره قريبًا من السَّبعين أو جاوزها (٥).

وممن توفي فيها رابع الحجة يوم الأحد:

الشيخ الإمام الحافظ ابن البرْزالي: علم الدين أبو محمد القَاسِمُ (٦) بن محمد بن البِزْزالي مؤرِّخ الشّام الشافعي.

ولد سنة وفاة الشيخ أبي شامة سنة خمس وستين وستمئة، وقد كتب تاريخًا ذيَّل به على الشيخ شهاب الدين، من حين وفاته ومولد البرْزالي إلى أن توفي في هذه السنة، وهو مُحْرِمٌ (٧)، فغُسِّل، وكُفِّن ولم يستر رأسه، وحمله النَّاس على نعشه وهم يبكون حولَه، وكان يومًا مشهودًا، وسمع الكثير أزيد من ألف


(١) هو عمر بن عبد الرحمن. مات سنة (٦٩٩) هـ. الدارس (١/ ١٩٥).
(٢) في جميع المصادر السابقة وفاته في جمادى الأولى.
(٣) كتاب في البلاغة قيم مشهور، شرحه الأستاذ عبد الرحمن البرقوقي .
(٤) هو: مفتاح العلوم ليوسف بن أبي بكر بن محمد بن علي السكاكي الخوارزمي الحنفي أبي يعقوب مات سنة (٦٢٦) هـ. بغية الوعاة (٢/ ٣٦٤).
(٥) في الذيل: وله ثلاث وسبعون سنة.
(٦) ترجمته في الذيل ص (٢٠٩) وطبقات الشافعية (٦/ ٢٤٦) والوفيات لابن رافع: (١/ ٢٨٩) وفوات الوفيات (٢/ ١٩٦) والدرر الكامنة (٣/ ٢٣٧) والنجوم الزاهرة (٩/ ٣١٩) والدارس (١/ ١١٢) والشذرات (٦/ ١٢٢) "والبِرْزاليُّ": نسبةً إلى بِرْزالة قبيلة قليلة العدد جدًّا.
(٧) بمنزلة خُلَيْص وهي حصن بين مكّة والمدينة ياقوت.

<<  <   >  >>