للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والملوك، فتنصل ملك الأمراء من ذلك، وذكر أنه إنما أرصد في القلعة جنادتها وأنه لم يدخلها، وأن أبوابها مفتوحة، وهي قلعة السلطان، وإنما له غريم بينه وبينه الشرع والقضاة الأربعة - يعني بذلك يَلْبُغا - وكتب بالجواب وأرسله صحبة البريدي وهو كيكلدي مملوك طُقْطاي (١) الدويدار، وأرسل في صحبته الأمير صارم الدين أحد أمراء العشرات مِنْ يومِهِ ذَلِكَ.

وفي يوم الإثنين الثاني والعشرين من رمضان تصبح أبواب البلد مغلقة إلى قريب الظهر، وليس ثمّ مفتوح سوى باب النصر والفرج، والناس في حصر شديد وانزعاج، فإنا لله وإنا إليه راجعون، ولكن قد اقترب وصول السلطان والعساكر المنصورة.

وفي صبيحة الأربعاء أصبح الحال كما كان وأزيد، ونزل الأمير سيف الدين يَلْبُغَا الخاصكي بقبة يَلْبُغَا، وامتد طلبه من سبينة إلى داريا إلى القبة المذكورة في أبهة عظيمة، وهيئة حسنة، وتأخر الركاب الشريف بتأخُّره عن الصَّنَمَيْن (٢) بعد، ودخل بَيْدَمُر في هذا اليوم إلى القلعة وتحصن بها.

وفي يوم الخميس الخامس والعشرين منه استمرت الأبواب كلها مغلقة سوى باب النصر والفرج، وضاق النطاق وانحصر الناس جدًّا، وقطع المصريون نهر بانياس، والفرع الداخل إليها وإلى دار السعادة من القنوات، واحتاجوا لذلك أن يقطعوا القنوات ليسدوا الفرع المذكور، فانزعج أهل البلد لذلك، وملؤوا ما في بيوتهم من برك المدارس، وبيعت القربة بدرهم، والحق بنصف، ثم أرسلت القنوات وقت العصر من يومئذ ولله الحمد والمنة، فانشرح الناس لذلك، وأصبح الصَّبَاح يوم الجمعة والأبواب مغلقة ولم يفتح باب النصر والفرج إلى بعد طلوع الشمس بزمان، فأرسل يَلْبغا من جهته أربعة أمراء وهم الأمير زين الدين زبالة الذي كان نائب القلعة، والملك صلاح الدين بن الكامل، والشيخ علي الذي كان نائب الرّحبة من جهة بَيْدَمُر، وأمير آخر، فدخلوا البلد وكسروا أقفال أبواب البلد، وفتحوا الأبواب، فلما رأى بَيْدَمُر ذلك أرسل مفاتيح البلد إليهم.

وصول السلطان الملك المنصور إلى المصطبة غربي عقبة سَحُورا

كان ذلك في يوم الجمعة السادس والعشرين من شهر رمضان في جحافل عظيمة كالجبال، فنزل عند المصطبة المنسوبة إلى عم ابنته الملك الأشرف خليل بن المنصور قلاوون، وجاءت الأمراء ونواب البلاد لتقبيل يده والأرض بين يديه، كنائب حلب، ونائب حماة، فلما كان يوم السبت السابع والعشرين منه خلع على الأمير علاء الدين علي المارداني بنيابة دمشق، وأُعيد إليها عودًا على بدء، ثم هذه الكرة


(١) في ط: بقطبة وهو تحريف. وأثبتنا ما في الدليل الشافي (١/ ٣٦٧). وهو: طقطاي بن عبد الله دوادار الأمير يلبغا اليحياوي نائب دمشق مات بعد الستين والسبعمئة.
(٢) في ط: الصنميين وهو تحريف، وانظر معجم البلدان، فهي قرية من أعمال دمشق من أوائل حوران.

<<  <   >  >>