للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مواظبًا على تلاوة القرآن إلى أن توفي في ليلة توفي الدهستاني المذكور أو قبله بليلة رحمهما الله.

الشيخ شمس الدين ابن الصَّائغ اللُّغوي (١): هو أبو عبد الله محمد بن حسن (٢) بن سِبَاع بن أبي بكر الجُذَامي المصري الأصل، ثم انتقل إلى دمشق، ولد تقريبًا سنة خمس وأربعين وستمئة بمصرَ، وسمع الحديث وكان أديبًا فاضلًا بارعًا بالنظم والنثر، وعلم العروض والبديع والنّحو واللغة، وقد اختصر "صحاح الجوهري"، وشرح "مقصورة ابن دريد"، وله قصيدة تائية تشتمل على ألفي بيت فأكثر، ذكر فيها العلوم والصنائع، وكان حسنَ الأخلاق لطيفَ المحاورة والمحاضرة، وكان يسكن بين درب الحبالين والفرَّاش عند بستان القط توفي بداره يوم الإثنين ثالث شعبان ودفن بباب الصغير.

[ثم دخلت سنة إحدى وعشرين وسبعمئة]

استهلَّت وحكام البلاد هم المذكورون في التي قبلها، وفي أوّل يوم منها فُتح حمَّامُ الزَّيت الذي في رأس درب الحجر، جدَّد عمارته رجلٌ سامري (٣) بعد ما كان قد درس ودثر من زمان الخُوارزمية من نحو ثمانين سنة، وهو حمام جيد متسع.

وفي سادس المحرَّم وصلت هديَّةٌ من ملك التتار أبي سعيد إلى السلطان، صناديق وتُحف ورقيق (٤).

وفي يوم عاشوراء خرج الشيخ تقيُّ الدين بن تيمية من القلعة بمرسوم السُّلطان، وتوجه إلى داره، وكانت مدة إقامته خمسة أشهر وثمانية عشر يومًا .

وفي رابع ربيع الآخر وصل إلى دمشق القاضي كريم الدين وكيل السلطان فنزل بدار السعادة، وقدم قاضي القضاة تقيُّ الدين بنُ عوض الحاكم الحنبلي بمصرَ وهو ناظر الخزانة أيضًا، فنزل بالعادلية الكبيرة (٥) التي للشافعية، فأقام بها أيامًا، ثم توجه إلى مصر: جاء في بعض أشغال السلطان وزار القدس.

وفي هذا الشهر كان السلطان قد حفر بركة قريبًا من المَيْدان، وكان في جوارها كنيسة فأمر الوالي بهدمها، فلما هدمت تسلَّط الحرافيشُ وغيرهم على الكنائس بمصرَ يهدمون ما قدروا عليه، فانزعج


(١) ترجمته في فوات الوفيات (٣/ ٣٢٦) وفيه وفاته سنة (٧٢٢ هـ). والذيول (ص ١١٤) وبغية الوعاه (١/ ٨٤) وفيه وفاته سنة (٧٢٥ هـ) في شهر شعبان وهو توهم.
(٢) في ط: حسين.
(٣) في ط: ساوي.
(٤) في أ: "دقيق" ولا معنى لها، وما هنا من الأصل وط.
(٥) داخل دمشق، شمالي الجامع بغرب، وتجاه باب الظاهرية يفصل بينهما الطريق، الدارس (١/ ٣٥٩) قلت: وكانت تتخذ مبنى للمجمع العلمي العربي إلى عهد قريب.

<<  <   >  >>