للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السلطان من ذلك (١) وسأل القضاةَ: ماذا يجب على من تعاطى ذلك منهم؟ فقالوا: يعزَّرُ، فأخرج جماعة من السجون ممَّن وجبَ عليه قتل (٢) فقطع وصلب وحرم وخزم وعاقب، موهمًا أنه إنّما عاقب من تَعَاطى تخريب ذلك، فسكن الناس وأمنت النصارى وظهروا بعد ما كانوا قد اختفوا أيامًا.

وفيه ثارت الحرامية ببغداد ونهبوا سوقَ الثُّلاثاء وقت الظهر، فثار النَّاس وراءهم وقتلوا منهم قريبًا من

مئة وأسروا آخرين.

قال الشيخ علَم الدين البِرْزالي ومن خطِّه نقلتُ: وفي يوم الأربعاء السادس من جمادى الأولى خرج القضاة والأعيان والمفتون إلى القابون، ووقفوا على قِبلة الجامع الذي أمر ببنائه القاضي كريم الدين وكيل السلطان بالمكان المذكور، وحرَّروا قِبلَته، واتَّفقوا على أن تكون مثل قِبلة جامع دمشق.

وفيه وقعت مراجعة بين (٣) الأمير جُوبان (٤) أحد المقدَّمين الكبار بدمشق، وبين نائب السلطنة تَنْكِز، فمسك جوبان ورفع إلى القلعة ليلتين، ثم حُوّل إلى القاهرة فعوتب في ذلك، ثم أعطي خبزًا يليق به.

وذكر علم الدين أن في هذا الشهر وقع حريق عظيم في القاهرة في الدور الحسنة والأماكن المليحة المرتفعة، وبعض المساجد، وحصل للناس مشقة عظيمة من ذلك، وقنتوا في الصلوات، ثم كشفوا عن القضية فإذا هو من فعل النصارى بسبب ما كان أُحرق (٥) من كنائسهم وهدم، فقتل السُّلطان بعضَهم وألزم النصارى أن يلبسوا الزُّرقة على رؤوسهم وثيابهم كلها، وأن يحملوا الأجراس في الحمامات، وأن لا يُستخدموا في شيء من الجهات، فسكن الأمر وبَطَل الحريق (٦).

وفي جُمادى الآخرة خرَّب ملك التتار أبو سعيد البَازَار (٧) وزوَّج الخواطئ وأراق الخمور، وعاقب ذلك أشد العقوبة، وفرح المسلمون بذلك ودعَوا له وسامحه.

وفي الثالث عشر من جمادى الآخرة أُقيمت الجمعة بمسجد القصب (٨) وخطب به الشّيخ علي المناخلي.


(١) في ط: لذلك.
(٢) في ط: قتله.
(٣) في ط: من.
(٤) هو: جوبان المنصوري. ومات سنة (٧٢٨ هـ).
(٥) في ب: أخرب. تحريف.
(٦) الذيول (ص ١١٦) والنجوم الزاهرة (٩/ ٦٣).
(٧) يعني: بازار الفاحشة. . الذيول (ص ١١٦).
(٨) ويعرف بمسجد السادات. الدارس (٢/ ٤٣٠).

<<  <   >  >>