للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي ليلة التاسع عشر منه وقع حريق بين السُّوريين باب الفراديس والفرج أيضًا، فتداركوه سريعًا، ولله الحمد والمنة.

شهر رجب الفرد، أوّله الإثنين، في يوم الخميس حادي عشره داروا بالمحمل حول البلد على العادة واحتفلوا احتفالًا زائدًا، ولم يُعيّن أمير الركب، واشتُهر في أثنائه أنّ الملك ابن أزبك، استحوذ على بلاد العراق وخراسان، وجلس على التّخت من مدينة توريز ودانت له الملوك من سائر تلك النواحي كلها، ونفي عنها الأشرف ابن تمرتاش جوبان (١).

كائنة غريبة جدًّا

لما كان يوم الأربعاء الرابع والعشرين منه من هذه السنة، نهدت جماعة من مجاوري الجامع بدمشق من مشهد علي وغيره، واتبعهم جماعة من الفقراء والمغاربة، وجاؤوا إلى أماكن متَّهمة بالخمر وبيع الحشيش فكسروا أشياء كثيرة من أواني الخمر، وأراقوا ما فيها وأتلفوا شيئًا كثيرًا من الحشيش وغيره، ثم انتقلوا إلى حِكْر السمّاق وغيرهم فثار عليهم من البَازدَاريّة (٢) والكِلَابزيَّة (٣) وغيرهم من الرّعاع فتناوشوا، وضُربت عليهم ضربات بالأيدي وغيرهم، وربما سل بعض الفساق السيوف عليهم كما ذكر، وقد رَسَم ملك الأمراء لوالي المدينة ووالي البر أن يكونوا عضدًا لهم وعونًا على الخَمَّارين والحشَّاشة، فنصروهم عليهم، غير أنه كثر معهم الضجيج ونصبوا راية واجتمع عليهم خلق كثير، ولما كان في أواخر النهار تقدم جماعةٌ من النقباء والخزَّاندارية ومعهم جنازير فأخذوا جماعة من مجاوري الجامع وضُربوا بالمقارع، وطيف بهم في البلد ونادوا عليهم: هذا جزاء من يتعرض لما لا يعنيه تحت علم السلطان، فتعجَّب الناس من ذلك وأَنكروه حتى أنه أنكر اثنان من العامة على المنادية فضربَ بعضُ الجند أحدهم بدبُّوس فقتله، وضرب الآخر، فيقال: إنه مات أيضًا فإنا لله وإنا إليه راجعون.

شهر شعبان المبارك، أوّله الأربعاء، في صبيحة يوم السبت رابعه قدمت الرُّسل من السلطان جاني بك بن أَزْبَك يخبرون بقدومه إلى بلاد خراسان، واستيلائه عليها، وانتزاعها من يد الأشرف بن تمرتاش الظالم الغاشم، وصيرورة هذا السلطان على تلك البلاد بعدله وعظمة جيشه الذي يقارب سبعمئة ألف، وكان يوم دخولهم يومًا مشهودًا هائلًا، ركب الجيش بكماله بالأطرزة والكلاوت الذهبِ، والتجمّل


(١) ليست في أ وب، وط، وهي في الأصل. وهي من قوله: تجديد عمارة عمّان البلقاء في هذا الحين.
(٢) في ط: البارذادية وهو تحريف.
والبازدارية بتقديم الزاي على الدال، هم المهتمُّون بتربية الطيور وتدريبها على الصّيد.
(٣) في ط: الكلابرية بالراء وهو تحريف أيضًا.
وبالزاي هم الذين يهتمون بتربية الكلاب، وتدريبها على الصّيد.

<<  <   >  >>