للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شهر ربيع الأول، أوّله الأربعاء، لمّا كان يوم الإثنين العشرين منه وُجد الشيخ شهاب الدين أحمد المظفّر النّابلس (١)، سبط الزّين خالد أحد مشايخ الحديث مَيْتًا بمنزله من درب بني نصر، شرفي الصبّاغين، وله أيام قد توفيّ وحده، ليس عنده أحد، ووجدوه صريعًا لوجهه، وقد تغيّر لونه وازرق فغُسّل وكفّن وصُلّي عليه بالجامع بعد الظهر، ودفن بباب الصغير، وله من العمر ثلاث وثمانون سنة، وقد تفرّد بأجزاء وأشياء، ولم يتزوج قطّ، وكان يحبّ الانفراد والاجتماع عن الناس، حتى مات كذلك.

وفي العشره الأوسط قدم الأمير جرجي أستاذ دار السّلطان من الديار المصرية، وفي صبيحتِه القاضي جلال الدين ابن الأجل، لينظرا في أمر الدواوين وأموال المهمّات، فنزل جرجي بدار الذهب التنكزية، ونزل ابن الأجلّ بالمدرسة القليجيّة إلى جانبها، وهبّ الناس للسّلام عليهما.

شهر ربيع الآخر، أوّله الخميس، فيه سافر الأمبر جرحي إلى الديار المصرية وصحبته جلال الدين ابن الأجلّ، وقد تحصّل على هدايا كثيرة وتقادم وتُحف من نائب السلطنة فمَنْ دونه من أرباب الدولة وغيرهم.

شهر جمادى الأولى، أوّله السبت في ليلة الأربعاء تاسع عشره وقع حريق في أعالي طهارة باب النّاطفانيين والأندلسية شمالي الجامع الأموي، وذلك بين العشائين، فحضر نائب السلطنة وصعد إلى مئذنة العروس ليشرف على الحريق، ثم نزل إلى سطح الكلّاسة، وجعل يتناول يد السقائين إذا صعدوا بيده، جزاه الله خيرًا، فانكشف الحريق، ثم أُضرم وقت السّحر فأحرق طباقًا كثيرة.

ثم وقع حريق آخر في الليلة المقبلة.

وفي ليلة الخميس العشرين من الشهر المذكور داخل باب السلامة، ثم وقع حريق آخر في ليلة الإثنين الرابع والعشرين منه عند باب قيسارية القطن المردون، فنفذ إلى الرُّطابيين، ثم نفذ إلى بعض سوق الحريريين.

شهر جمادى الآخرة، أوّله الأحد، أخبرني أمين الدين ابن عبد الحق الحنفي بوفاة الشيخ علاء الدين ابن الأطروش (٢) في مستهل هذا الشهر بمصر، وهو محتسبها وقاضي عسكرها. وقد كان ممن تقدّم عملَ الحسبة بدمشق، ودرّس.

وفي يوم الثامن عشر فيه نُودي بالبلدان ألّا يمشي أحدٌ في الطّرقات بعد عشاء الآخرة، من أجل أنّه كَثُرَ العَيْثُ والفسادُ وقتلُ النفوسِ، ولم يقع شيءٌ من ذلك من أجل أنّه كان يزداد الفساد، ويُبقي على البلد وحشةً شديدةً.


(١) ترجمته في تاريخ ابن قاضي شهبة (٣/ ١٢١)، والدرر الكامنة (١/ ٣١٧ - ٣١٨)، والذيل التام (١/ ١٥٩).
(٢) ترجمته في تاريخ ابن قاضي شهبة (٣/ ١٢٥)، والدرر الكامنة (٣/ ٣ - ٤)، والذيل التام (١/ ١٥٩).

<<  <   >  >>