للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التام، وبات أكثر الناس تلك الليلة ظاهر البلد على الأسطحة، ولم يتخلف منهم إلّا القليل. وتلقّاهم الحجبة والمهمندار والنقباء وأرباب الوظائف إلى ناحية القابون، واستقر نائب السلطنة بدار السعادة حتى جاؤوا، فدخلوا عليه، وأكرمهم، وأجلسهم فوق الأمراء، ومدّ لهم سماطًا، ثم أذن لهم، فنزلوا في الخانقاه التجيبية، وكان لهم يومًا مشهودًا (١).

وبعد صلاة العصر من يومئذ صُلّي على قاضي قضاة الحنفية نجم الدين إبراهيم ابن قاضي القضاة عماد الدين على بن عبد الواحد الطَّرسُوسي الحنفي (٢)، ثم خُرج به إلى ظاهر باب النصر، فخرج نائب السلطنة، فصلّى عليه إمامًا وذهبوا به، فدفن بسفح المزّة .

وقد بقي له من الأربعين سنةً سنةٌ، وكان قد صنف عدة مجلدات، وله نظم حسنٌ، ومذكرات مفيدة، وفيه تودّد.

وكسف القمر ليلة الرابع عشر، وإنما هي عند أرباب التقويم الثالثة عشر، وصُلّيت صلاة الكسوف (٣).

وفي شعبان من هذه السنة حكي عن جارية من عتيقات الأمير سيف الدين تَمُر المِهْمَنْدار أنها حملت قريبًا من تسعين يومًا، ثم شرعت تطرح ما في بطنها فوضعت في قرب من أربعين يومًا في أيام متتالية ومتفرقة أربعَ عَشْرة بنتًا وصبيًا بعدَهُنَّ. قلّ من يعرف شكل الذكر من الأنثى (٤).

وجاء الخبر بأنّ الأمير سيف الدين شَيْخُون مدير الممالك بالديار المصرية والشامية قفز (٥) عليه مملوك (٦) من مماليك السلطان، فضربه بالسّيف ضربات فجرحه في أماكن في جسده، منها ما هو في وجهه ومنها ما هو في يده، فحمل إلى منزله صريعًا طريحًا جريحًا، وغضب لذلك طوائف من الأمراء حتى قيل: إنَّهم ركبوا ودعَوْا إلى المبارزة فلم يجئ إليهم، وعظم الخطب بذلك جدًّا، واتَّهموا به الأمير سيف الدين صَرْغَتْمُش وغيره، وأن هذا إنّما فُعل عن ممالأة منهم فالله أعلم.

شهر رمضان المعظم، أوّله الجمعة ولم أجد فيه شيئًا.

شهر شوال المبارك، أوّله الأحد، خرج المجمل السلطاني يوم الخميس ثاني عشره على العادة


(١) الخبر في تاريخ ابن قاضي شهبة ٣/ ١١٦.
(٢) ترجمته في تاريخ ابن قاضي شهبة ٣/ ١١٨، والدرر الكامنة ١/ ٤٣، والذيل التام ١/ ١٥٨.
(٣) ليست في أ و ب و ط، وهي في الأصل من قوله: شهر شعبان المبارك، أوله الأربعاء.
(٤) الخبر في النجوم الزاهرة (١٠/ ٣٠٦) نقلًا عن ابن كثير. ووقع في ط: "سبعين" بدلًا من تسعين، وما هنا يوافق ما نقله صاحب النجوم، وهو الأصوب إن شاء الله.
(٥) في ط: ظفر وهو تحريف. وفي النجوم الزاهرة (١٠/ ٣٠٥) والذيل التام (١/ ١٥٧): (وثب).
(٦) هو: قُطْلوخَجَا السلاح دار النجوم (١٠/ ٣٢٤) وفي الدرر الكامنة (٢/ ١٩٦) وشذرات الذهب (٦/ ١٨٣): (آي فَجَا) وكذلك في الذيل التام (١/ ١٥٧).

<<  <   >  >>