للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي يوم الخميس الثامن والعشرين منه انكسفَتِ الشَّمسُ بعد صلاة الظهر، وصَلَّوْا صَلاةَ الكُسُوف بالجامع الأموي، وخطب الخطيبُ أيضًا.

وفي أواخره أصلح نائبُ السلطنة خانَ السَّبيل الذي بمحلة القابون، وأَصْلَحَ الصِّفَافَ (١) التي فيه [ومد أرضه] (٢) وعمّر المسجد الذي فيه، وساق إليه ماءً إلى البركة التي فيه.

شهر ربيع الآخر، أوله الأحد. في ليلة رابع عشره انْكَسَفَ القمرُ، واستمر إلى وقت التَّسبيح.

شهر جمادى الآخر، أوله الإثنين. في يوم الأربعاء ثالثه حكم القاضي بدر الدين الزُّرعي الذي هو نائبُ الخِطَابة بالمدرسة العادلية الكبيرة نيابةً عن قاضي القضاة جمال الدين المَعَرّي الشافعي.

وفي يوم الإثنين خامس عشره ورد البريدُ من الديار المصرية بطلب الخطيب بُرهان الدين بن جَمَاعة خطيبِ القدس إلى الدّيار المصرية؛ لتولّية قضاء القضاةِ الشّافعية بها، عوضًا عن قاضي القضاة بهاء الدين أبي البقاء عُزل عنه، وقد كان الخطيبُ برهان الدين قدمَ إلى دمشق لزيارة أهلِهِ، فأقام نحوًا من خمسين، يومًا، فلمَّا كانَ في هذا اليوم بعينه خرج متوجهًا إلى القدس الشريف، وقد أُضيف إليه نظرُ الأوقاف بها كما تقدّم، فاختلف هو والبريديُّ القادم في الطَّريق، فبات الخطيب برهان الدين في الكُسْوة، فلمّا أصبحَ بعث في طلبه إلى دمشق فعادَ الثلاثاء، فكُوتب بسببه إلى نائب السَّلطنة وكان غائبًا بأرض حمص، فولّى نائبُ السلطنة خطابةَ القدس الشريف لابن عمّه عماد الدين إسماعيل ابن الشيخ برهان الدين إبراهيم ورسم للخطيب بُرهان الدين بخيل البريد، ثمَّ سافر الخطيبُ برهان الدين إلى القدس الشريف، فقضى أمورًا تخُصَّه، وخطَبَ هنالك يوم الجمعة السادس والعشرين منه على العادة خطبة بليغةً، فخشعت ووجلتْ منها القلوبُ، وذرَفَتِ العيون، وهي خطبةُ مودع؛ فبكى الناسُ بكاء كثيرًا لفراقه، ثم توجَّه إلى الديار المصرية صحبة البريد، فخرج كُلُّ القدس في تويدعة إلى الخليل، وباتوا هنالك، ثم ساروا إلى الدِّيار المصرية في عَشَرة سروجٍ.

شهر جمادى الآخرة، أوله الأربعاء. في يوم السبت رابعه قدمَ نائبُ السَّلطنة مَنْجَك من الصَّيد بعد غيبة أسبوعين وأكثر، وكانت الأمطارُ متداركةً جدًّا، وقد مُدّت الأودية في حوران وغيرها، ومُلِئَتِ البلادُ آبارُها وبَرِكُها ولله الحمد والمنة.

وفي يوم الأحد خامسه كان دخولُ الخطيب برهان الدين إلى الدّيار المصرية، وقد تلقّاهُ أكابرُها إلى أثَنَاء الطّريق، فدخلها في [أبهَةٍ] (٣) هائلة، وفي هذا اليوم اجتمعَ بالسلطان الملك الأشرف، وجلس هو


(١) الصِّفاف: جمع صُفّة، وهي البَهوُ الطويل. اللسان (صفف).
(٢) في الأصل: طمس قدر كلمتين.
(٣) في الأصل: طمس قدر كلمة.

<<  <   >  >>