للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ووقَفُوا لنائب السَّلطنة، فأخذَهُم النَّائبُ، ودخلَ بهم إلى دار السَّعادة، وحضر القضاةُ وجماعةٌ من مشايخ العِلْم، وأُحضر السِّنْجاريُّ، فوقف وسِئَل عما اقترحَهُ من هذه التَّذكرة التي جاءت على يديه، فاعترفَ أنَّه أخطأ في ذلك، وأنّه قد رجَعَ عنه، وعَزَلَ نفسه ذلك، وقد أهانه بعضُ الفقراء، وألقى عمامتَهُ عن رأسه، ثمّ أُمِرَ به إلى القلعة في زَنْجِيرٍ فصُحُبَ إليها بحضرة العامة، ولولا ذلك لرَجَمُوهُ حتَّى قَتَلُوه، فكاتب نائبُ السَّلطنة إلى الدّيار المصريّة بصورة ما وقع، فلمّا كان يوم الإثنين سابع عشره أُحضر المذكورُ إلى دار السَّعادة، فضُربَ بين يدي ملك الأُمراء، بحضرةِ القُضاة وكاتب السّر والحَجَبةِ والموقِّعين وغيرهم، ثم قطِّعَتْ أَكْمَامُهُ ورُكِّبَ على جَمَلٍ مقلوبٍ، ونادى عليه المشاعليّةُ، وطيفَ به حَوْلَ البلد، ثم أُودع سجنَ السَّدِّ مقيّدًا، وذلك بمرسوم شريفٍ ورد من مصر، وفيه الأمرُ بالعَدْلِ والرُّجوع إلى الأحكام الشّرعيّة، ورفعُ الظَّلم عن الرعيّة، وقُرِئَ هذا المرسوم بحضرة القضاة والخاصّ والعامٌ، وكثر الدعاء للسُّلطان - أيَّده الله.

وفي يوم الجمعة ثامن عشر منه صُلِّيَ بعد صلاة الجمعة على غائبٍ، وهو الشيخ جلال الدين خطيب بعلبك (١) ابن خطيبها محيي الدين الكاتب ابن الكاتب وأخو الكاتب [بهاء الدين محمود] (٢) - رحمه الله تعالى.

وقد انسلخَ هذا الشّهرُ وليسَ للجامع الأموي ناظرٌ يتكلَّم فيه إلا الأمير قلقاس، والصّاحب شمس الدين البَهْنَسي.

شهرُ ذي الحجة، أوّلُه الأحد. في أواخر يوم الخميس خامسه توفي الأمير تَوَكُّل حاجبُ الحجّاب بالشّام (٣)، وصُلّي عليه بجامع تَنْكُز، ودُفنَ بتربته التي أنشأَهَا بسطحِ المِزَّة، وحضر جنازَتَه الأُمراء والقضاةُ والأعيانُ.

وفي ليلة الخميس ثاني عشره وقعَ حريقٌ عظيمٌ قريب نصف الليل بسوق كنيسة مريم من عندِ دَخْلَةِ حمَّام علوي مَشْرِقٌ ومَغْرِبٌ نحوًا من ثلاثين أو أربعين دكانًا، واحترق من وراء ذلك من ناحية القبلة قياسيرُ ودورٌ، وسقطت مئذنةٌ قبلي السُّوق تجاه اللبَّانة، وانتهى الحريقُ في أثناء النَّهار من الغد.

وفي أواخر ذي الحجَّة جاءت الأخبارُ من الدِّيار المصرية بأنَّ الأمير أُلْجاي (٤) اليُوسُفيّ خرجَ عن طاعةِ السُّلطان، ووقف بمن اتّبعه من الأمراء عند قبَّة النصر، وربَّما رشقوا بعضَ السُّهام إلى ناحية قلعة الجبل،


(١) هو: محمد بن محمد بن عبد الرحيم السُّلمي الشافعي. ترجمته في: تاريخ ابن قاضي شهبة ٣/ ٣٩٥ والدرر الكامنة ٤/ ١٨٦.
(٢) في الأصل: بياض قدر ثلاث كلمات. استدركته من عند ابن شهبة.
(٣) ترجمته في: تاريخ ابن قاضي شهبة ٣/ ٣٨٥ - ٣٨٦.
(٤) في الأصل: (أُلجيه). انظر تاريخ اببن قاضي شهبة ٣/ ٣٨٤.

<<  <   >  >>