للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشّامي من المصريين، الرَّجبيين الشّيخ الإمامُ العلّامة قاضي القضاة بهاء الدين أبو (١) حامد أخو قاضي القضاة تاج الدين السُّبكي، قدم ليبُلَّ شوقه من أخيه، وخطبَ النّاسَ يومَ الجمعة بالجامع الأُموي خطبةً بليغةً، وقرأَ في المحرابِ قراءةً حسنةً، أَعجبَ الناسَ سمتُه ووقارُه وتودُّدُه.

وبلغَنَا وفاةُ الشيخ صدْر الدّين بن الخَابُوري (٢) مُفتي طرابُلُس وشيخها من مدّة، وكان فقيهًا جيدًا مستحضرًا للمذهب مِن قواعده وضوابِطه، وفروعه ودقائقه، له اعتناءٌ جيدٌ بذلك جدًّا، وقد أذِنَ لجماعةٍ في الإفتاء، ووُلِّيَ وِكَالة بيت المال بطرابُلُس في وقتٍ، وكانت وفاته في السابع والعشرين من هذا الشهر بطرابُلُس، وقد جاوز السَّبعين.

وفي هذا اليوم كانت وفاةُ قاضي القضاة موفَّق الدين المَقْدسي الحنبليّ (٣) بديار مصر .

وفي العشر الأخير من رمضان [جاءتنا أخبار من الأندلس] (٤) وملخّصها أنّ الملك ابن الأحمر (٥) صاحب ما ملكه المسلمون بجزيرة الأندلس، فتح مدينة جيّان فقتَلَ من الفرنج مئة ألف أو يزيدون، وأسرَ سبعينَ ألفَ أسيرٍ من نساءٍ وأطفالٍ وشبابٍ، وأخذ منها من الجواهر والآلئ والزمرّد شيئًا كثيرًا.

شهرُ صفر، أوّله الأحد دخول نائب السلطنة بَيْدَمِر أعزّ اللهُ أنصارَه:

لمّا كان صبيحةُ يوم الإثنين ثاني صفر. أقبل الأميرُ الكبيرُ المجاهدُ المرابط المثاغر (٦)، صاحب الفتوحات، سيفُ الدُّنيا والدين بَيْدَمِر راجعًا من مدينة طرابُلُس، وقد فاتَهُ الوقعةُ، فدخلَ البلدَ من ناحية سطح المزّة، وعليه التَّشريف، وهو في أُبّهة عظيمة والسَّناجق الخليفتيّة بين يديه، والمؤذّنون بالتكبير، وأهل الذّمة (٧) الذين معهم التوراة والإنجيل، فجاءَ إلى سوق الخيل فسير على العادة، ثم أُركب، ثم جاء فقبَّل العَتَبَةَ [و دخل] (٨) إلى دار السّعادة، والأمراءُ بين يديه على العادة.

ودخلتُ إليه يوم الثلاثاء؛ فأخبرني عن تفاصيل ما وقعَ بمدينة طرابُلُسَ، وحلفَ بالله: لو أدركَهُم على


(١) في الأصل: (أبي). وهو غلط.
(٢) هو محمد بن أبي بكر بن عياش بن عبد الله، ابن القاضي جمال الدين المعروف بابن الخابوري.
ترجمته في تاريخ ابن قاضي شهبة ٣/ ٣٤٢. نقلًا عن ابن كثير، والدرر الكامنة ٣/ ٤٠٦، والذيل التام ١/ ٢٢٩.
(٣) هو عبد الله بن محمد بن عبد الملك بن عبد الباقي الحجاوي.
ترجمته في: الدرر الكامنة ٢/ ٢٩٣ والذيل التام ١/ ٢٣١، والمنهج الأحمد ٥/ ١٢٧.
(٤) كان ذلك في المحرّم من سنة (٧٧٨ هـ). انظر تاريخ ابن قاضي شهبة ٣/ ٢٩٠ - ٢٩١.
(٥) هو: أبو عبد الله محمد بن يوسف بن الأحمر.
(٦) المثاغر: المرابط على الثّغور. اللسان (ثغر).
(٧) في الأصل: طمس قدر كلمتين.
(٨) في الأصل: طمس قدر كلمة.

<<  <   >  >>