للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي صبيحة هذه الليلة قدَم الأمير مَنْكَلي بُغَا الشَّمس نائبًا على حلب من الديار المصرية، فتلقّاه نائبَ السّلطنة والجيشُ بكماله إلى ناحية الكُسْوَة (١) وعظّموه تعظيمًا زائدًا بخلاف العادة، ورحت إليه مسلّمًا مهنّئًا بالسلامة والعافية، وهو نازلٌ بدار طَيْدَمِر الإسماعيلي، وصلّيت يومئذٍ صلاة المغرب، وتكلّمنا في شيءٍ من مسائل العلم في الفروع وغيرها، وهو مع ذلك يفهم جيدًا، ويبحث حسنًا ويسأل، زاده الله من فضله، وأحسن إليه، ووُلد له ولدٌ ذكَرٌ من بنت السلطان في دار الإسماعيلي، وسمّاه عبد الرحيم، وذلك يوم السبت الرابع والعشرين من ربيع الأول، ففرحَ به، ثم عمل له عقيقةً يوم الجمعة سلخَ الشهر المذكور، وارتحل في مستهل ربيع الآخَر.

وهنّأته في هذا الولد بقصيدة ضمنُها إجازةٌ، وهي [من الطويل]:

أيا ناصرَ الإسلام هنَّاك ربُّنا … بطلعةِ مولودٍ جَلَى وجههَ البدرُ

سليلِ ملوكِ الأرض شرقًا ومغربًا … بهم عزَّ دينُ الله وَانْمحى الكفرُ

ووالدُه ركنٌ عظيمٌ لنصرهم … فأَحكامُهُ عَدْلٌ وأَيَّامه فخرُ

له الصِّيتُ بين الناس شكرًا ومِدحةً … ونورُ محيَّاه كما أَسْفر الفجرُ

وميلاده في شهرِ مولدِ أشرف البرايا … شفيعُ النَّاسِ يا حَبَّذا الشَّهرُ

وذلك في العام الموفي ثمانيًا … وستينَ والسَّبع المئين لها ذكر

تَبَدَّى لنا في طالع السَّعد مشرِقًا … فحقَّ علينا كلُّنا الحمدُ والشّكرُ

فحيّاه ربّي ناشئًا في حياته إلى … أن يُرى جَدًّا، وأنت له ذخرُ

وأنشاه في سعدٍ ومجدٍ مؤيدًا … بتوفيقه ما وافق الخَبَرَ الخُبْرُ

أجزتُ له ما قد رويتُ جميعَه … وما قلتهُ نظمًا كذلك والنَثرُ

فمن ذاك تفسيرُ القُرَانِ جميعُه … فعشرةُ أسفارٍ وتاريخُنا عَشْرُ

ومثليهما جمعُ المسانيد كلُها … وستةُ كتُبٍ جَامِعُوها لهم شُكرُ

كذلك الأحكامُ الكبيرُ الذي حوى … مقالاتِ ساداتٍ هُم الأنجمُ الزُّهرُ

مُدَبَّجةِ الأَرجَاءِ خِلْتَ خلالَها … وما حازَها، من فوقِ نوّارها الزَّهرُ

وناظمُها إسماعيلُ نَجْل كثيرِهم … هو الخادمُ الدّاعي بأن يُرفع الذّكرُ

وذلك من بعدِ الصَّلاة على الَّذي … دعا (٢) النَّاسَ للإسلام وارتفعَ النُّكر

محمدٍ المبعوثِ للنَّاس رحمةً … عليه سلامُ الله ما بقيَ الدَّهرُ (٣)


(١) في الأصل: تحتها كلمة الجسورة.
(٢) في الأصل: (دعى). وهو غلط.
(٣) هذا الخبر لم يرد في المطبوع.

<<  <   >  >>