للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أُبَّهةُ السلطنة والإقامات اللائقة به، والعصائب (١) والكوسات، وركب من الكَرَك في أبهة عظيمة، وأرسل الأمان إلى الأفرم، ودعا له المؤذنون في المئذنة ليلة الإثنين سابع عشر شعبان وضع الناس (٢) بالدعاء له والسرور بذكره، ونُودي في الناس بالأمان، وأن يفتحوا دكاكينهم ويأمنوا في أوطانهم، وشرع النّاسُ في الزينة، ودقت البشائر، ونام الناس في الأسطحة ليلة الثلاثاء ليتفرجوا على السلطان حين يدخل البلد، وخرج القضاة، والأمراء والأعيان لتلقيه.

قال كاتبه ابن كثير: وكنت فيمن شاهد دخوله يوم الثلاثاء وسط النهار في أبهة عظيمة وبسط له من عند المصلى (٣) وعليه أبهة الملك، وبسطت الشِّقاق الحرير تحت أقدام فرسه، كلما جاوز شقة طويت من ورائه، والجَتر (٤) على رأسه والأمراء السِّلَحْدارية عن يمينه وشماله، وبين يديه، والناس يدعون له ويضجُّون بذلك ضجيجًا عاليًا، وكان يومًا مشهودًا.

قال الشيخ علم الدين البرْزالي: وكان على السلطان يومئذ عمامة بيضاءُ، وكلوتة (٥) حمراء، وكان الذي حمل الغاشية على رأس السُّلطان الحاج بَهَادر، وعليه خلعةٌ معظَّمة مذهبة بفرو فاخم. ولما وصل إلى القلعة نصب له الجسر ونزل إليه نائبها الأمير سيف الدين السنجري، فقبل الأرض بين يديه، فأشار إليه إني الآن لا أنزل هاهنا، وسار بفرسه إلى جهة القصر الأبلق والأمراء بين يديه، فخُطب له يوم الجمعة (٦).

وفي بكرة يوم السبت الثاني والعشرين من الشهر وصل الأمير جمال الدين أقوش الأفرم نائب دمشق مطيعًا للسُّلطان، فقبّل الأرض بين يديه، فترجل له السلطان وأكرمه، وأذن له في مباشرة النيابة على عادته، وفرح الناسُ بطاعة الأفرم له، ووصل إليه أيضًا الأمير سيف الدين قَبْجَق (٧) نائب حماة، والأمير سيف الدين أَسَنْدَمِر (٨) نائب طرابلس يوم الإثنين الرابع والعشرين من شعبان، وخرج الناس لتلقيهما، وتلقاهما السلطان كما تلقى الأفرم.

وفي هذا اليوم رسم السلطان بتقليد قضاء الحنابلة وعوده إلى تقي الدين سليمان (٩)، وهنأة الناس


= الجبل قرب بانياس من أرض دمشق بينها وبين الساحل. ياقوت والتاج (شقف).
(١) في النجوم الزاهرة (٨/ ٢٦٥): الجَتْر.
(٢) في ط وصبح بالدعاء.
(٣) في ب إلى القلعة. والمصلَّى: هو مُصَلّى العيد خارج باب الجابية.
(٤) في ط: الجد. تحريف.
(٥) في ط: كاوثة. تحريف.
(٦) في ب: ودعا له الناس.
(٧) سيأتي في وفيات سنة (٧١٠ هـ).
(٨) في ط: أستدمر.
(٩) في ب: وخلع عليه.

<<  <   >  >>