للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي هذه (١) السنة كانت وقعة عظيمة ببلاد الغرب بين المسلمين والفرنج فنصر الله المسلمين على أعدائهم فقتلوا منهم خمسين ألفًا وأسروا خمسة آلاف، وكان من جملة القتلى خمسة وعشرون ملكًا من ملوك الإفرنج، وغنموا شيئًا كثيرًا من الأموال، يقال: كان من جملة ما غنموا سبعون قنطارًا من الذَّهب والفضة، وإنما كان جيش الإسلام يومئذ ألفين وخمسمئة فارس غير الرُّماة، ولم يُقْتل منهم سوى أحَدَ عشرَ قتيلًا، وهذا من غريب ما وقع وعجيب ما سُمع (٢).

وفي يوم الخميس ثاني عِشْري رجب عقد مجلس بدار السعادة للشيخ تقي الدين بن تيمية بحضرة نائب السلطنة، واجتمع (٣) فيه القضاة والمفتون من المذاهب، وحضر الشيخ وعاتبوه على العَوْدِ إلى الإفتاء بمسألة الطَّلاق، ثم حبس في القلعة فبقي فيها خمسة أشهر وثمانية عشر يومًا، ثم ورد مرسوم من السلطان بإخراجه يوم الإثنين يوم عاشوراء من سنة إحدى وعشرين كما سيأتي إن شاء الله تعالى (٤).

وبعد ذلك بأربعة أيام أضيف شدُّ الأوقاف إلى الأمير علاء الدين بن سعد (٥) إلى ما بيده من ولاية البر وعُزل بدر الدّين المنكورسي عن الشَّدّ (٦).

وفي آخر شعبان مسك الأمير علم الدّين الجَاوْلي نائبُ غزّة وحُمل إلى الإسكندرية لأنه اتّهم أنه يريد الدخول إلى بلاد (٧) اليمن، واحتيط على حواصله وأمواله، وكان له بر وإحسان وأوقاف، وقد بنى بغزَّة جامعًا حسنًا مليحًا.

وفي هذا الشهر أراق ملك التتر أبو سعيد الخُمورَ وأبطل الحانات، وأظهر العدل والإحسان إلى الرعايا، وذلك أنّه أَصابَهم بردٌ عظيم وجاءهم سيل هائل فلجؤوا إلى الله ﷿، وابتهلوا إليه فسلِمُوا فتابوا وأنابوا وعملوا الخير عَقِيْب ذلك.

وفي العشر الأول من شوال جرى الماء بالنَّهر الكريمي الذي اشتراه كريم الدّين بخمسة وأربعين ألفًا وأجراه في جدول إلى جامعه بالقُبَيْبَات فعاش به الناس، وحصل به أُنسٌ إلى أهل تلك الناحية، ونصبت


(١) في ب: أوائل. وقد ذكر الذهبيُّ في الذيول (ص ١٠٤) وتاريخ دول الإسلام: (٢/ ١٧٣) أنها وقعت في سنة (٧١٩ هـ).
(٢) الإحاطة في أخبار غرناطة (١/ ٣٩٧).
(٣) في ط: حضر.
(٤) ليست في ب.
(٥) في الأصل وأ وط وب معبد. وهو تحريف. وهو علي بن محمود بن إسماعيل بن سعد البعلبكي. وقد مضى الكلام فيه في أحداث سنة (٧١٨ هـ).
(٦) في ط: الشام.
(٧) في ط: دار.

<<  <   >  >>