للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كتابًا معهم يزعمون أنّه من رسول الله بوضع الجزية عنهم، فلما وقف عليه الفقهاء تبيَّنوا أنّه مكذوبٌ مفتعل لِمَا فيه من الألفاظ الركيكة، والتواريخ المخبطة، واللّحن الفاحش، وحاقَقَهُم عليه شيخ الإسلام ابن تيمية، وبيَّنَ لهم خطأهم وكذبهم، وأنه مزوَّر مَكْذوب، فأنابوا إلى أداء الجزية، وخافوا من أن تُستعاد منهم السِنُونَ (١) الماضية.

قلت: وقد وقفت أنا على هذا الكتاب فرأيت فيه شهادة سعد بن معاذ عام خيبر، وقد توفي سعدٌ قبل ذلك، وشهادة معاوية بن أبي سفيان ولم يكن أسلم إذ ذاك، وإنما أسلم بعد ذلك (٢) بنحوٍ من سنتين: وفيه: (وكتب علي بن أبو طالب) وفيه (٣) لحن لا يصدر عن أمير المؤمنين علي، لأن علم النحو إنما أُسند إليه من طريق أبي الأسود الدؤلي عنه، وقد جمعت فيه جزءًا مفردًا، وذكرت ما جرى فيه أيام القاضي الماورْدي (٤)، وكبار أصحابنا في ذلك العصر، وقد ذكره في "الحاوي" وصاحب "الشامل" (٥) في كتابه، وغير واحد، وبيَّنوا خطأه ولله الحمدُ والمِنَّةُ.

وفي هذا الشهر ثار جماعة من الحَسَدة على الشيخ تقي الدين بن تيمية، وشَكَوا منه أنه يقيم الحدود ويُعزِّر، ويَحلق رؤوس الصبيان، وتكلّم هو أيضًا فيمن يشكو منه ذلك، وبيَّن خطأهم، ثم سكنت الأمور.

وفي ذي القعدة ضربت البشائر بقلعة دمشق أيامًا بسبب فتح أماكن من بلاد سِيْس (٦) عَنْوة، فتحها المسلمون، ولله الحمد.

وفيه قدم عِزُّ الدين بن مبشر (٧) على نظر الدواوين عوضًا عن ابن مزهر.

وفي يوم الثلاثاء رابع ذي الحجة حضر عبد السيد بن المهذب ديَّان (٨) اليهود إلى دار العدل ومعه أولاده فأسلموا كلهم، فأكرمهم نائب السلطنة، وأمر أن يركب بخِلْعة وخلفه الدَّبَادِب (٩) تضرب والبوقات إلى داره، وعمل ليلتئذ خَتْمة عظيمة حضرها القضاةُ والعلماء، وأسلم على يديه جماعة كبيرة من


(١) في ط: الشئون. وهو تصحيف.
(٢) سقطت من ط.
(٣) (أبو طالب) وهذا لحن.
(٤) هو القاضي علي بن محمد بن حبيب البصري توفي سنة (٤٥٠ هـ) في بغداد، ونسبته إلى ربيع الماورد، وفيات الأعيان (٣/ ٢٨٢).
(٥) الحاوي للقاضي الماوردي المذكور، والشَّامل لأبي نصر عبد السيد بن محمد المعروف بابن الصبَّاغ، مات سنة (٤٧٧ هـ). انظر الوفيات (٣/ ٢١٧) وكشف الظنون (٢/ ١٠٢٥).
(٦) "سيس": أعظم مدن الثغور بين إنطاكية وطرسوس، ياقوت.
(٧) ستأتي ترجمته في وفيات سنة ٧١٦ هـ. وهو في الدرر الميسر.
(٨) الديان: القائم بأمر دينهم.
(٩) "الدبادب": الطبول.

<<  <   >  >>