للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحسن أيضًا، وأوقف عليها أماكنَ، ورتّب فيها المشايخ والطلبة كما سيأتي تفصيله في موضعه (١)، واجتاز برجوعه من مصرَ بالقدس الشريف وزاره وأمر ببناء حمَّام ومدرسة ودار (٢) حديث أيضًا به، وخانقاه كما يأتي بيانه.

وفي آخر ربيع الأول وصلت القناة إلى القدس التي أمر بعمارتها وتجديدها سيف الدين تَنْكِز قُطْلُبَك، فقام بعمارتها مع ولاة تلك النواحي، وفرح المسلمون بها ودخلت حتى إلى وسط (٣) المسجد الأقصى، وعمل به بركة هائلة، وهي مرخَّمة ما بين الصخرة والأقصى، وكان ابتداء عملها من شوال من السنة الماضية. وفي هذه المدة عمر سقوف ورواقات (٤) المسجد الحرام وأبوابه (٥)، وعمرت، وعمرت بمكَّة طَهارة ممّا يلي باب بني شَيْبة.

قال البرزالي: وفي هذا الشهر كَمُلَت عِمارة الحَمَّام الذي بسوق باب توما، وله بابان.

وفي ربيع الآخر نقض التّرخيمُ الذي بحائط جامع دمشق القبلي من جهة الغرب مما يلي باب الزِّيادة، فوجدوا الحائط متجافيًا (٦) فخيف من أمره، وحضر تَنْكِز بنفسه ومعه القضاة وأرباب الخبرة، فاتّفق رأيهم على نقضه وإصلاحه، وذلك يوم الجمعة بعد الصلاة سابع عشري ربيع الآخر، وكتب نائب السلطنة إلى السلطان يعلمه بذلك ويستأذنه في عمارته، فجاء المرسوم بالإذن بذلك، فشُرع في نقضه يوم الجمعة خامس عشري جُمادى الأولى، وشرعوا في عمارته يوم الأحد تاسع جمادى الآخرة، وعمل محرابٌ فيما بين باب (٧) الزِّيادة ومقصورة الخطابة يضاهي محراب الصَّحابة، ثم جدُّوا ولازموا في عمارته، وتبرّع كثيرٌ من الناس بالعمل فيه من سائر الناس، فكان يعمل فيه كل يوم أزيد من مئة رجل، حتى كَمُلت عمارةُ الجدار وأُعيدت طاقاته وسقوفه في العشرين من رجب، وذلك بهمَّة تقي الدين بن مراجل، وهذا من العجب فإنه نُقِضَ الجدار وما يسامتُه من السّقف، وأُعيد في مدة لا يتخيّل إلى أحد أن عمله يفرغ في (٨) هذه المدة جزمًا، وساعدهم على سرعة الإعادة حجارةٌ وجدوها في أَساس الصَّومعة الغربية التي عند الغَزَالية، وقد كان في كل زاوية من هذا المعبد صومعة كما في الغربية والشرقية والقبليَّتين (٩) منه فأُبيدت


(١) الدارس (١/ ١٢٣).
(٢) في ط: به وبناء. وأثبتنا ما في ب.
(٣) في ط: حتى إلى شط وهو تحريف.
(٤) في ط: شرافات.
(٥) في ط: وإيوانه.
(٦) في الذيل (ص ١٥٥): (منحدبًا).
(٧) ليست في ط.
(٨) في ط: فيما يقارب.
(٩) في ط: القبلتين. وهو تحريف.

<<  <   >  >>