كتاب البداية والنهاية - تكملة ط دار ابن كثير

ثم دخلت سنة أربع وثلاثين وسبعمئة - وممن توفي فيها من الأعيان - ج: 16 - ص: 269

الشَّيخ نجم الدّين القِبَابيّ الحموي: عبد الرحمن (١) بن الحسن بن يحيى اللخمي القِبَابيّ (٢)، قرية من قرى أَشْمون الرُّمَّان (٣)، أَقامَ بحماة في زاوية يُزَار ويُلتمس دعاؤه، وكان عابدًا ورعًا زاهدًا آمرًا بالمعروف وناهيًا عن المنكر، حسنَ الطريقة إلى أن توفّي بها آخر نهار الإثنين رابعَ عشرَ رجب، عن ست وستين سنة، وكانت جنازته حافلة هائلة جدًّا، ودفن شماليّ حماة، وكان عنده فضيلة، واشتغل على مذهب الإمام أحمد بن حنبل وله كلام حسنٌ يؤثر عنه ﵀.

الشيخ فتح الدين بن سيد الناس: الحافظ العلامة البارع، فتح الدين أبو الفتح محمد (٤) بن الإمام أبي عمرو محمد بن الإمام الحافظ الخطيب أبي بكر محمد بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن يحيى بن سيد الناس الربعي اليَعْمريّ الأندلسي الإشبيلي ثم المصري.

ولد في العشر الأول من ذي الحجة سنة إحدى وسبعين وستمئة بالقاهرة، وسمع الكثير وأجازَ له الرّواية عنهم جماعاتٌ من المشايخ، ودخل دمشق سنة تسعين فسمع من الكندي وغيره، واشتغل بالعلم فبرع وساد أقرانه في علومٍ شتَّى من الحديث والفقه والنحو والعربية، وعلم السّير والتّواريخ وغير ذلك من الفنون، وقد جمع سيرةً حسنةً في مجلدين (٥)، وشرح قطعة حسنةً من أول "جامع الترمذي"، رأيت منها مجلدًا بخطّه الحسن، وقد حرّر وحبّر وأَفادَ وأجاد، ولم يسلم من بعض الانتقاد، وله الشِّعر الرائقُ الفائقُ، والنَّثر الموافق، والبلاغة التامة، وحسنُ التَّرصيف والتَّصنيف، وجودة البديهة، وحسن الطوِيَّة، وله العقيدة السَّلفية الموضوعة على الآي والأخبار والآثار والاقتفاء بالآثار النبوية، ويذكر عنه شؤون أُخَرُ يَتَولّاه (٦) الله فيها، وله مدائح في رسول الله ﷺ حسان (٧)، وكان شيخ الحديث بالظَّاهرية بمصرَ، وخطب بجامع الخندق، ولم يكن في مصرَ في مجموعه مثله في حفظ الأسانيد والمتون والعلل والفقه والمُلَح والأشعار والحكايات.

---

(١) ترجمته في الذيل (ص ١٨٢) وذيل طبقات الحنابلة (٢/ ٤٢٥) والدرر الكامنة (٢/ ٣٢٧) والشذرات (٦/ ١٠٧).
(٢) في ط: القباني وهو تحريف. التحفة السنيّة لابن الجيعان.
(٣) من قرى الصّعيد. ياقوت (١/ ٢٠٠). والشذرات.
(٤) ترجمته في الذيل (ص ١٨٢) وفوات الوفيات (٣/ ٢٨٧) والدرر الكامنة (٤/ ٢٠٨) والنجوم الزاهرة (٩/ ٣٠٣) وبدائع الزهور (١/ ٤٦٩) والشذرات (٦/ ١٠٨). قال بشار: ولصديقنا الدكتور محمد الرواندي الغربي دراسة نفيسة عنه طبعت في مجلدين.
(٥) هي المعروفة بعيون الأثر، مطبوعة مشهورة.
(٦) في ط: ويذكر عنه سوء أدب في شؤون أُخر سامحه الله وهو تحريف.
(٧) ذكر الكتبي شيئًا منها في الفوات.