للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشيخ محمد بن عبد الحق (١): ابن شعبان بن علي الأَنصاري، المعروف بالشيَّاح (٢)، له زاوية بسفح قاسيون بالوادي الشمالي مشهورة به (٣)، وكان قد بلغ التسعين، وسمع الحديث وأسمعه، وكانت له معرفة بالأمور وعنده بعض مكاشفة، وهو رجل حسن، توفي أواخر شَوَّال من هذه السنة.

الأمير سلطان العرب: حسام الدين مهنا (٤) بن عيسى بن مهنا، أمير العرب بالشام، وهم يزعمون أنهم من سلالة جعفر بن يحيى بن خالد البرمكي، من ذرية الولد (٥) الذي جاء من العباسة أخت الرشيد فالله أعلم.

وقد كان كبير القدر محترمًا عند الملوك كلِّهم، بالشَّام ومصرَ والعراق، وكان دّينًا خيِّرًا متحيِّزًا للحق، وخلَّف أولادًا وذريةً (٦) وأموالًا كثيرة، وقد بلغ سنًا عالية، وكان يحب الشيخ تقي الدين بن تيمية حبًا زائدًا، هو وذريته وعربه، وله عندهم منزلة وحرمة وإكرام، يسمعون قوله ويمتثلونه، وهو الذي نهاهم أن يُغير بعضُهم على بعض، وعرَّفهم أن ذلك حرام، وله في ذلك مصنَّف جليل، وكانت وفاة مهنا هذا ببلاد سَلَمْيَة في ثامنَ عشرَ ذي القعدة، ودفن هناك (٧).

الشَّيخ الزَّاهد: فضلُ (٨) بن عيسى بن قنديل العجلونيّ الحنبليّ المقيم بالمِسْماريّة (٩)، أصله من بلاد حبراص، كان متقللًا من الدنيا يلبَسُ ثيابًا طوالًا وعمامة هائلة، وهي بأرخص الأثمان، وكان يعرف تعبيرَ الرُّؤيا ويُقصد لذلك، وكان لا يقبل من أحد شيئًا، وقد عُرضت عليه وظائف بجوامك كثيرة فلم يقبلها، بل رضي بالرَّغيد الهنيّ من العيش الخشن إلى أن توفي في ذي الحجة، وله نحو تسعين سنة، ودفن بالقرب من قبر الشيخ تقي الدين بن تيمية رحمهما الله، وكانت جنازته حافلة جدًّا (١٠).


(١) ترجمته في الدرر الكامنة (٣/ ٤٩١).
(٢) في ط: السيّاح. وهو تطبيع. وفي الدرر الكامنة (الشيّاخ).
(٣) في المهاجرين من دمشق، وتعرف المنطقة به إلى الآن.
(٤) ترجمته في الذيل (ص ١٨٧) والدرر الكامنة (٤/ ٣٦٨) وابن خلدون (٥/ ٤٣٩) والنجوم (٩/ ٣٠٢) وفيهما: وفاته سنة (٧٣٤ هـ). والشذرات (٦/ ١١٢).
(٥) قال ابن خلدون: هو سميع الذي ولدته العبّاسة. ثم قال: وحاشا لله من هذه المقالة في الرشيد وأخته وفي انتساب كبراء العرب من طيء إلى موالي العجم من بني برمك وأنسابهم (٥/ ٤٣٦). قال بشار: وقول ابن خلدون هو الصواب فآل عيسى من آل فضل وهم من طيء، وهم إلى اليوم أهل نخوة مساكنهم في بلاد الشام والعراق.
(٦) في ط: وورثة.
(٧) ليست في ب. قال بشار: وغالب أحفادهم إلى اليوم من محبي شيخ الإسلام، ومن أتباعه.
(٨) ترجمته في الدرر الكامنة (٣/ ٢٣١).
(٩) المسمارية مدرسة قبلي القيمرية الكبرى داخل دمشق. الدارس (٢/ ١١٤).
(١٠) ليست في ب.

<<  <   >  >>