للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بين يديه ثماني خطوات أو نحوها، ثم تقدَّم إليه ثلاثة نفر (١) فقطع أحدهما سيفه من وسطه بسكين، ووضع الآخر يده على فمه، وكتفه الآخر، وقيَّدُوه، وذلك كله بحضرة السلطان، ثم غُيِّبَ ولم يدر أحد إلى أين صار، ثم قالوا لمماليكه: اذهبوا أنتم فائتوا بمركوب الأمير غدًا، فهو بائت عند السلطان. وأصبح السلطان وجلس على سرير المملكة وأمر بمسك جماعة من الأمراء منهم تسعة من الكبار (٢)، واحتاطوا على حواصله وأمواله وأملاكه، فيقال إنه وجد عنده من الذهب ألف ألف دينار، وسبعمئة ألف دينار.

وفي يوم الأربعاء ثامن عشره درّس بالعذراوية تقي الدين عبد الله بن الشيخ زين الدين بن المرحل مدرس الشامية والده كان. وحضر عنده القضاة والأعيان، وعمره قريب من خمس عشرة سنة.

واشتهر في أثناء المحرم أن السلطان الملك المنصور استناب بالديار المصرية الأمير سيف الدين طقرْدَمِر الحموي، والد زوجة السلطان وزوج أمه، وهو مشكور السيرة، معروف برزانة العقل، ووفور الرّأي (٣).

واستوزر بالديار المصرية إنسان يعرف بابن شَرْوين البغدادي الذي كان وزيرًا ببغداد، ثم قدم الشام هو وقاضي بغداد للإمام حسام الدين الغوري، فلمّا وصل إلى الديار المصرية في دولة الناصر استقضى الغوري على الديار المصرية، وعزل الإمام برهان الدين ابن عبد الحق، وأعطى الوزير المذكور إمرة مئة.

وطلب الأمير بدر الدين ابن الخطير أحد الأمراء المقدّمين الكبار على البريد إلى الديار المصرية معظمًا موعودًا بالحجوبية على عادته بالديار المصرية كما كان أيام الناصر، والد السلطان.

شهر صفر وأوّله الثلاثاء، في يوم الأربعاء ثانيه جلس القاضي تقي الدين أبو الفتح الشبكي بالمدرسة العادلية الكبيرة لنيابة الحكم، وادعى سنده، وهو ثالث ثلاثة نوّاب، وأخبر أنّه كان قد ولاه قاضي القضاة نيابة الحكم في ذي الحجة من السنة الخالية، ولكنّه كان يمتنع من المباشرة، ثم عزم عليه حتى أجابَ إلى ذلك (٤).

وفاة شيخنا الحافظ أبي الحجاج المزِّي (٥): تمرَّض أيامًا يسيرة مرضًا لا يشغله عن شهود


(١) منهم: الأمير قطلوبغا الفخري والأمير طُقُزدَمر النجوم (١٠/ ٨).
(٢) وقيدوا جميعًا وسُفّروا إلى الإسكندرية في الليل. المصدر السابق نفسه.
(٣) الخبر في تاريخ ابن قاضي شهبة ٢/ ٢٠٢. نقلًا عن ابن كثير. وليس في المطبوع.
(٤) ليست في أ وب وط. وهي في الأصل من قوله: وفي يوم الأربعاء. حتى هنا.
(٥) هو جمال الدين يوسف بن الزكي عبد الرحمن بن يوسف بن عبد الملك بن يوسف القضاعي ثم الكلبي الحلبي ثم الدمشقي المزي.
ترجمته في الذيل ص (٢٢٩) والوفيات لابن رافع (١/ ٣٩٥ - ٣٩٨) وطبقات الشافعية (٦/ ٢٥١) والفوات (٤/ ٣٥٣) والدرر الكامنة (٤/ ٤٥٧) والنجوم (١٠/ ٧٦)، وتاريخ ابن قاضي شهبة (٢/ ٢٩٠ - ٢٩٤) والدارس (١/ ٣٥) والشذرات (٦/ ١٣٦)، ومقدمة الدكتور بشار عواد معروف لكتاب "تهذيب الكمال".

<<  <   >  >>