للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وباشر الشيخ شرف الدين الإمامة والخَطابة، وفرح الناس به لِحُسْن قراءته وطيب صوته وجودة سيرته.

فلما كان بكرة يوم الإثنين ثاني عشر ربيع الأول، وصل البريد من مصر صحبةَ الشيخ صدر الدين بن الوكيل (١)، وقد سبقه مرسوم السلطان له بجميع جهات الفارقي مضافًا إلى ما بيده من التدريس، فاجتمع بنائب السلطنة بالقصر، وخرج من عنده إلى الجامع، ففتح له باب دار الخطابة، فنزلها وجاءه الناس يهنِّئونه، وحضر عنده القُرّاء والمؤذنون، وصَلّى بالناس العصر، وباشر الإمامة يومين، فأظهر الناسُ التألُّمَ من صلاته وخطابته، وسَعَوا فيه إلى نائب السلطنة، فمنعه من الخطابة، وأَقرّه على التدريس ودار الحديث، فباشر (٢) وجاء توقيعٌ سلطاني للشّيخ شرف الدين الفزاري بالخطابة، فخطب يوم الجمعة سابع عشر جمادى الأولى، وخلع عليه بطرحة، وفرح الناس به، وأخذ الشيخ كمال الدين بن الزمْلَكاني تدريس الشامية البرانية من يد ابن الوكيل، وباشرها في مستهل جمادى الأولى واستقرت دار الحديث بيد ابن الوكيل مع مدرستيه الأوليين، وأظنهما العذراوية والشامية الجوانية (٣).

ووصل البريد في ثاني عشر جمادى الأولى بإعادة السَّنْجَري إلى نيابة القلعة وتولية نائبها الأمير سيف الدين الجوكنداري (٤) نيابة حمص عوضًا عن عز الدين الحموي الذي توفي.

وفي يوم السبت ثاني عشر رمضان (٥) قدمت ثلاثة آلاف فارس من مصر، وأُضيف إليها ألفان من دمشق، وساروا وأخذوا معهم نائب حمص الجوكندار، ووصلوا إلى حماة، فصحبهم نائبها الأمير سيف الدين قبجق (٦)، وجاء إليهم أسَنْدمر (٧) نائب طرابلس، وانضاف إليهم قَرَاسُنْقر (٨) نائب حلب، وانفصلوا كلهم عنها، وافترقوا فرقتين، طائفة (٩) سارت صحبة قبجق إلى ناحية مَلَطْية، وقلعة الروم (١٠)، والفرقة


(١) سيأتي في وفيات سنة (٧١٦ هـ).
(٢) ليست في الأصل و ط.
(٣) "العذراويّة": بحارة الغرباء، داخل باب النّصر، وهي وقف على الشّافعية، والحنفية. الدارس (١/ ٢٧، ١/ ٣٧٦).
والشامية الجوانية: تقع قبلي المارستان النوري. الدارس (١/ ٢٧١، و ١/ ٣٠٥).
(٤) الجوكندار هو الذي يحمل الجوكان للسُّلطان، وهو المحجن الذي يلعب به ويضرب الكرة. صبح الأعشى (٥/ ٤٥٨).
(٥) انظر الشذرات (٦/ ٧)، ابن خلدون (٥/ ٤٢٠).
(٦) سيأتي في وفيات سنة (٧١٠ هـ).
(٧) سيأتي في وفيات سنة (٧١١ هـ).
(٨) هو المنصوري، سيأتي في وفيات سنة (٧٢٨ هـ).
(٩) في ط: فرقة.
(١٠) "مَلَطْيةُ": بفتح أوّله وثانيه وسكون الطّاء، وتخفيف الياء، وهي من بناء الاسكندر، وجامعها من بناء الصحابة وهي بلدة مَشْهُورة من بلاد الرّوم مذكورة تتاخم بلاد الشّام. ياقوت.
وقلعة الروم: قلعة حصينة غربيّ الفرات، مقابل البيرة، بينها وبين سُمَيْسَاط: ياقوت.

<<  <   >  >>