للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

محيي الدين بن الزكي، وحضر الخانقاه يوم الجمعة الحادي والعشرين (١) من ذي القعدة، وحضر عنده ابن صَصْرَى وعز الدين القلانِسي، والصاحب ابن المُبشَّر (٢) والمحتسِب، وجماعة.

وفي ذي القعدة وصل من التتر مقدَّمُ كبير قد هرب منهم إلى بلاد الإسلام، وهو الأمير بدر الدين جَنْكَلي بن البابا (٣)، وفي صحبته نحو من عشرة، فحضروا الجمعة في الجامع، وتوجهوا إلى مصر، فأُكرم وأُعطي إمْرة ألف، وكان مقامه ببلاد آمد، وكان يناصح السلطان ويكاتبه ويطلعه على عورات التتر (٤)، فلهذا عَظُم شأنُه في الدولة الناصرية.

وممن توفي فيها من الأعيان: ملك التترقازان (٥).

والشيخ القدوة العابد الزاهد الورع أبو إسحاق: إبراهيم بن أحمد (٦) بن محمد [بن معالي بن محمد] (٧) بن عبد الكريم الرَّقِّي الحنبلي. كان أصله من بلاد الشرق، ومولده بالرقة من سنة سبع وأربعين وستمئة. واشتغل، وحصَّل، وسمع شيئًا من الحديث، وقَدِم دمشق، فسكن بالمئذنة الشرقية في أسفلها بأهله إلى جانب الطهارة بالجامع، وكان معظَّمًا عند الخاص والعام، فصيحَ العبارة، كثير العبادة، خَشِن العيش، حسن المجالسة، لطيف الكلام، كثير التلاوة، قويّ التوجه، من أفراد العالم، عارفًا بالتفسير والحديث والفقه والأصلين، وله مصنفات وخُطب، وله شعر حسن.

توفي بمنزله ليلة الجمعة خامس عشر المحرم، وصلّي عليه عقيب الجمعة، ونقل إلى تربة الشيخ أبي عمر بالسفح (٨)، وكانت جنازته حافلة، وأكرم مثواه.

وفي هذا الشهر توفي الأمير زين الدين قراجا: أستاذ دار الأفرم، ودفن بتربته بميدان الحصا (٩) عند النهر.

والشَّيخ شمس الدين محمد بن إبراهيم بن عبد السلام: عرف بابن الحُبْلى، كان من خيار


(١) كذا في ب وفي أ: حادي عشرين وفي ط: الحادي عشر. وفي الدارس (٢/ ١٥٧) سادس عشرين.
(٢) في ط: الميَسَّر تحريف.
(٣) الدرر الكامنة (١/ ٥٤) والدليل الشافي (١/ ٢٥١).
(٤) في ب: وينبهه على عورات المغول.
(٥) ترجمته في الدرر الكامنة (٣/ ٢١٢) والنجوم الزاهرة (٨/ ٢٢٢) وبدائع الزهور (١/ ٤١٧) وشذرات الذهب (٦/ ٩).
(٦) ترجمته في الدرر الكامنة (١/ ١٤ - ١٥) الذيل على طبقات الحنابلة (٢/ ٣٤٩) وشذرات الذهب (٦/ ٧).
(٧) زيادة من ط و ب.
(٨) أي: سفح جبل قاسيون.
(٩) وهي المسمّاة بالتربة القراجيّة. انظر الدارس (٢/ ٢٧١).

<<  <   >  >>