للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي رابعه خرجت التجريدة لنجدة نائب غزّة على المتمردين من الأعراب الذين طغَوْا في البلاد فأكثروا فيها الفساد، فنسألُ الله أن يصب عليهم صوت عذاب. ثم عادوا بعد خمسة عشر يومًا، وقد نهبوا الأعراب الذين كانوا يفسدون في الأرض ولا يصلحون، وأخذوا ما كانوا يتقوَّوْن به من الجمال والأمتعة، وقدموا معهم بأولادهم ونسائهم، ظنًا أنّ ذلك جائز لهم، وحلالٌ سبيُهنَّ، وهو حرامٌ؛ فإنهم لم يكونوا كفارًا، وإنما كانوا قطاع طرق - قبّحهم الله -.

وفي يوم الإثنين تاسعه خرج المحمل السلطاني والحجيج (١)، وحجّ في هذه السنة القاضي شهاب الدين الظاهري.

وفي يوم الأربعاء حادي عشره درّس بالركنية بدر الدين ابن القاضي تقيّ الدين أبي الفتح، وهو ابن بنت قاضي القضاة السُّبكي الشافعيّ، وحضر عنده القضاة والأعيّان، وأخذ في قوله تعالى: ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ﴾ [البقرة: ١٩٧].

شهر ذي القعدة، أوّله الإثنين، في مستهلّه لبس جمال الدين الفاقوسي (٢) خلعة الحسبة بدمشق، فراح الناس لتهنئته على العادة.

وفي يوم السبت سادسه توفي الشيخ أبو العباس الأندرشي النحوي (٣)، له مصنّفات في النَّحو وفي التفسير، وغير ذلك، وكان نقالًا في النحو، يحفظ كثيرًا من الشواهد والمثل، وكان قد أخذ النحو عن الشيخ أبي حيان، وسمعت من يفضّله عليه في الحفظ وكثرة النقل. فالله أعلم.

أقام بالشام قريبًا من ثلاثين سنة، وكانت وفاته بالعزيزية، وله ستون سنة أو ما ينيف عنها. وصلّي عليه بعد الظهر، يومئذٍ بجامع دمشق. ودفن بسفح قاسيون في تربة القاضي تقي الدين السّبكي .

وفي يوم الجمعة ثاني عشره خطب بجامع العقيبة الشريف زين الدين عمر بن فخر الدين عثمان الجعفري عوضًا عن الشيخ بهاء الدين ابن إمام المشهد، فشق ذلك عليه بعد عزله من الحسبة.

وفي يوم السبت العشرين منه خلع على القاضي عماد الدين بن الفرفور، وأُعيد إلى حسبة دمشق بتوقيع شريف، وعزل عنها جمال الدين الفاقوسي، وعوّض عنها بنظر المارستان النوري) (٤).


(١) لم يذكر ابن كثير أمير الحج ولا قاضيه في هذه السنة. كما هي العادة.
(٢) في تاريخ ابن قاضي شهبة ٢/ ٦٧٤: العاقوسي. وهو تحريف.
(٣) ترجمته في تاريخ ابن قاضي شهبة ٢/ ٦٧٧. نقلًا عن ابن كثير، وليس في المطبوع منه، وغاية النهاية لابن الجزري ١/ ٥٥، والذيل التام ١/ ١١٣، وبغية الوعاة ١/ ٣٠٩.
والأندرشي: نسبة إلى بلدة من الأندلس من كورة البيرة. انظر معجم البلدان ١/ ١٢٦.
(٤) ليست في أ وب وط، وهي في الأصل. من قوله: شهر شوال المبارك، وأوله الأحد.

<<  <   >  >>