للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشيخ عماد الدين بن شرف الدين ابن عم الشيخ كمال الدين بن الزملكاني بوصية الواقف له بذلك، وحضر عنده قاضي القضاة السُّبكي والمالكي وجماعةٌ من الأعيان، وأخذ في قوله تعالى: ﴿مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا﴾ [فاطر: ٢] الآية.

وفي يوم الجمعة عاشره خطب الشيخ بهاء الدين ابن إمام المشهد محتسب البلد بجامع العقيبة، وكان قد استعاده من زين الدين الشريف الجعفري، وعوّضه بمرتبات له وخطب الشريف في الجمعة الأخرى، وهذا من العجائب.

وفي العشر الآخر من هذا الشهر أُعيد إلى نيابة الحكم الحنفي القاضي نجم الدين ابن القاضي عماد الدين إسماعيل بن العز الحنفي، وكان قد جاءه مرسوم بالنيابة فباشرها أيامًا ثم عزله قاضي القضاة نجم الدين بن الطّرسوسي، ثم جاءه في هذه الأيام شفاعة من السلطان إلى نائب الشام في ذلك فاستنابه قاضيه، وحكم.

وفيه قدم جمال الدين عبد الله الدّمرداشي من الديار المصرية، ومعه مراسم أن يكون والي المدينة، ووالي البر، ومشدّ الخاص، مع إمرة طبلخاه. فكان ذلك (١).

واتفق في ليلة الأحد السادس والعشرين من جمادى الأولى أنه لم يحضر أحد من المؤذنين على السُّدَّة في جامع دمشق وقت إقامة الصلاة للمغرب سوى مؤذن واحد، فانتظر من يقيم معه الصلاة فلم يجئ أحد غيره مقدار درجة أو أزيد منها، فأقام هو الصلاة وحدَه، فلمَّا أحرم الإمام بالصَّلاة تلاحق المؤذنون في أثناء الصَّلاة حتى بلغوا دون العشرة، وهذا أمر غريب من عدة ثلاثين مؤذنًا أو أكثر، لم يحضر سوى مؤذن واحد، وقد أخبر خلق من المشايخ أنهم لم يَرَوْا نظير هذه الكائنة.

وفي يوم الإثنين سابع عشرَ جُمادى الآخرة اجتمع القضاة بمشهد عثمان، وكان القاضي (٢) الحنبلي قد حكم في دار المعتمد الملاصقة لمدرسة الشيخ أبي عمر ببيعها، وكانت وقفًا، لتُضافَ إلى دار القرآن ووقف عليها أوقافٌ للفقراء، فمنعه الشافعيّ من ذلك، من أجل أنَّه يؤول أمرها أن تكون دار حديث ثم فتحوا بابًا آخر وقالوا: هذه الدار لم يستهدم جميعها، وما صادف الحكم محلًا، لأن مذهب الإمام أحمد أنَّ الوقف يباع إذا استهدم بالكلية ولم يبق ما ينتفع به، فحكم القاضي الحنفي بإثباتها وقفًا كما كانت، ونفَّذه الشافعيّ والمالكي، وانفصل الحال على ذلك، وجرت أمور طويلة، وأشياءُ عجيبة.

وفي يوم الأربعاء السابع والعشرين من جمادى الآخرة أصبح بوَّاب المدرسة المستجدة التي يقال لها الطيبانية إلى جانب أم الصَّالح مقتولًا مذبوحًا، وقد أُخذت من عنده أموال من المدرسة المذكورة ولم


(١) ليست في أ وب وط، وهي في الأصل. من قوله وفي يوم الجمعة عاشره.
(٢) في ط: الفاضل.

<<  <   >  >>