للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأموي، فلما انتهى إلى باب النصر ترجَّل الجيش بكماله بين يديه مشاة، وذلك في يوم شاتٍ كثير الوحل، فصلَّى بالمقصورة إلى جانب المصحف العثماني، وليس معه في الصف الأول أحد، بل بقية الأمراء خلفه صفوف، فسمع خطبة الخطيب، ولما فرغ من الصَّلاة قرِئَ كتابٌ بإطلاق أعشار الأوقاف.

وخرج السلطان بمن معه من باب النصر، فركب الجيش واستقل ذاهبًا نحو الكُسْوة بمن معه من العساكر المنصورة، مصحوبين بالسلامة والعافية المستمرة، وخرج السلطان وليس بدمشق نائبُ سلطنةٍ، وبها الأمير بدر الدين بن الخطير هو الذي يتكلم في الأمور نائبَ غيبةٍ، حتى يقدم إليها نائبها ويتعين لها.

وفي صبيحة يوم الأربعاء ثاني عشره درَّس الأمينية علاء الدين على الأنصاري قريب الشيخ بهاء الدين ابن إمام المشهد بسبب شعورها؛ بوفاة الشيخ بهاء الدين المذكور، وحضر عنده القضاة والأعيان.

وفي يوم الخميس ثالث عشره خرج المحمل والركب الشامي من دمشق وأميرهم شلاش. وحج من الأعيان في هذه السنة عماد الدين إسماعيل ابن العز الحنفي، والقاضي شرف الدين الكفري الحنفي نائب الحكم، وسبط قاضي القضاة السُّبكي بدر الدين محمد البقاء وجماعة من كبار التجار وغيرهم.

وفي ليلة الثلاثاء خامس عشرينه زلزلت الأرض (١).

شهر ذي القعدة، أوله الأحد، جاءت الأخبار بوصول السلطان إلى الديار المصرية سالمًا، ودخلها في أُبَّهة عظيمة في أواخره، وكان يومًا مشهودًا، وخلع على الأمراء كلهم، ولبس خلعة نيابة الشام الأمير علاء الدين المارِدَاني، ومُسِكَ الأمير علم الدين بن زَنْبُور (٢)، وتولَّى (٣) الوزارة الصاحب موفق الدين (٤).

شهر ذي الحجة، أوّله الثلاثاء، في صبيحة يوم السبت خامسه دخل الأمير علاء الدين على الجَمدار من الديار المصرية إلى دمشق المحروسة في أبهة هائلة، وموكب حافل متوليًا نيابة بها، وبين يديه الأمراء على العادة، فوقف عند تربة بَهَادر آص حتّى استعرض عليه الجيش فلحقهم، فدخل دار السعادة فنزلها على عادة النواب قبله، جعله الله وجهًا مباركًا على المسلمين.

وفي يوم السبت ثالث عشره قدم دوا دار السلطان الأمير عزُّ الدين طُقْطَاي (٥) من الديار المصرية فنزل


(١) ليست في أ وب وط. وهي في الأصل. من قوله: وفي صبيحة يوم الأربعاء.
(٢) الذيل التام (١/ ١٢٧). وكان وصوله يوم الثلاثاء خامس عشرين شوّال كما في النجوم الزاهرة (١٠/ ٢٧٧).
(٣) في ط: "وتولية" ولا معنى لها.
(٤) هو هبة الله بن إبراهيم، وتسمّى لما أسلم عبد الله. وكان يقال له: الأسعد القبطي الوزير موفق الدين. مات سنة (٧٥٥) هـ. الدرر الكامنة (٤/ ٤٠٠).
(٥) في ط: مغلطاي. وأثبتنا ما في الذيل التام (١/ ٣٢) وفيه: في محرمها توجه الأمير عز الدين طُقطاي الناصري الدوادار.

<<  <   >  >>