للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كثير من الناس، وسافر ليلة الجمعة وقد أذن له في الاستنابة في جهاته، فاستناب ولده الكبير وليِّ الدين.

وفي ليلة الأربعاء الثالث عشر منه برز الأميران المعزولان طُيْبُغا وقطيلجا الدوايدارا من القلعة المنصورة مقيّدين محتفظًا عليهما متوجّهين إلى مصر، وقد وقف بيوتهما من مماليك والجواري حاسراتٌ حافياتٌ صارخات، فتألّم لهم الناس، وبكوا لبكائهم على ما ذكر. ثم أعيد طيْبُغَا حجيّ إلى دمشق بعد أيام، ورسم بنفيه إلى حلب.

وفي يوم الخميس رابع عشره ركب نائب السلطنة في الموكب على العادة، وحضر معه الأمير سيف الدين بَيْدَمِر نائب حلب، ونزل معه إلى دار السعادة، وحضر القضاة أيضًا يومئذٍ، ورُسم لهم بالحضور في يومي الإثنين والخميس دار العدل.

وحضر الموكب يوم السبت السادس عشر منه، وسمّر ووسّط من كان بالجيوش ممّن وجب عليه ذلك شرعًا، وأظهر بأسًا وحضر معه الأمير سيف الدين بَيْدَمر نائب حلب، وعرض طلبه هنالك، ذاهبًا إلى حلب في أبهة هائلة، وعُدد كاملة، وجنائب نجائب، وآلات حسنة، واستمرّ ذاهبًا سالمًا.

شهر رمضان المعظم، أوّله الأحد، في يوم الأحد الثاني والعشرين منه درّس القاضي عماد الدين ابن العزّ الحنفي بالمدرسة الرّكنيّة أخذها من يد قاضي القضاة شرف الدين الغزي الحنفي بمرسوم شريف، ووقع بينهما تشاجرٌ، وتشاحن كبير بسبب ذلك، واستمرّ أمرهما كذلك، ثم استعادها قاضي القضاة الكفري منه بمرسوم شريف، ودرّس فيها في أواخر شوال من هذه السّنة.

شهر شوال، أوّله الإثنين. استهلَّ وماء الأنهار في السَّنةِ في غاية القلّة، بحيث أن نهر بردى ليس فيه من الماء ما يدير حجر طاحون صغيرًا، وكذلك نهر ثورا، وقد يبست أشجار كثيرة من قلَّةِ الماء، وبُعْدِ عهدها من السّقيا بالماء من شهور متعدّدة، حتى أنه نشفَ كثير من الآبار. فالحكم الله العزيز الكبير.

وخرج المحمل يوم السبت الثالث عشر منه، وخرج من الحجاج في هذه السنة قاضي القضاة جمال الدين الحنبلي، ونائبه القاضي شمس الدين بن مفلح (١).

[واشتهر في شوال أن الأمير سيف الدين مَنْجَك الذي كان نائب السلطنة بالشام هرب ولم يطلُع له خبر، فلما كان في هذا الوقت ذُكر أنّه مُسك ببلد بحران من مقاطعة ماردين في زيِّ فقير، وأنه احتفظ عليه وأرسل السلطان قراره، وعجب كثير من الناس من ذلك، ثم لم يظهر لذلك حقيقة وكان الذين رأَوْه ظنُّوا أنه هو، فإذا هو فقير من جملة الفقراء يشبهه من بعض الوجوه] (٢).


(١) ليست في أ و ب و ط، وهي في الأصل من قوله: وفي ليلة الأربعاء الثالث عشر منه برز الأميران.
(٢) ما بين الحاصرتين ليس في الأصل، واستدركته من أ و ب و ط.

<<  <   >  >>