للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بعد الفارقي في سنة ثلاث ولم يزل به حتى توفي يوم الأربعاء عشية التّاسع (١) من شوّال، عن خمس وسبعين سنة.

وصلّي عليه صبيحة يوم الخميس على باب الخطابة، ودفن عند أبيه وأخيه بباب الصغير ، وولي الخطابة بعده (٢) ابن أخيه، شيخنا العلامة برهان الدين.

الحافظ الكبير الدمياطي: وهو الشيخ الإمام العالم الحافظ شيخ المحدثين شرف الدين أبو محمد عبد المؤمن بن خَلَف بن أبي الحسن بن شرف بن الخضر بن موسى الدمياطي (٣).

حامل لواء هذا الفن - أعني صناعة الحديث وعلم اللغة - في زمانه مع كبر السن والقدر، وعلو الإسناد وكثرة الرواية، وجودة الدراية، وحسن التأليف وانتشار التصانيف، وتردد الطلبة إليه من سائر الآفاق (٤).

مولده في آخر سنة ثلاث عشرة وستمئة، وقد كان أول سماعه في سنة ثنتين وثلاثين بالإسكندرية، سمع الكثير على المشايخ ورحل، وطاف، وحصل، وجمع فأوعى، ولكن ما منع ولا بخل، بل بذل وصنّف ونشر العلم، وولِّي المناصب بالديار المصرية، وانتفع الناس به كثيرًا، وجمع " معجمًا لمشايخه"الذين لقيهم بالشَّام والحجاز والجزيرة والعراق وديار مصر يزيدون على ألف وثلاثمئة شيخ، وهو مجلدان (٥)، وله "الأربعون المتباينة الإسناد "وغيرها، وله كتاب في "الصلاة الوسطى" مفيد جدًّا، ومصنف في "صيام ستة أيام من شوال" أفاد فيه وأجاد، وجمع ما لم يسبق إليه، وله كتاب "الذكر والتسبيح عقيب الصلوات"، وكتاب "التسلّي والاغتباط بثواب من يقدم من الأفراط" (٦) وغير ذلك من الفوائد الحسان، ولم يزل في إسماع الحديث إلى أن أدركته وفاته وهو صائم في مجلس الإملاء (٧) غشي عليه فحمل إلى منزله، فمات من ساعته يوم الأحد عاشر (٨) ذي القعدة بالقاهرة.

ودفن من الغد بمقابر باب النصر وكانت جنازته حافلة جدًّا رحمه الله تعالى


(١) في ب: التاسع عشر
(٢) وهو: إبراهيم بن عبد الرحمن برهان الدين، وسيأتي في وفيات سنة (٧٢٩ هـ)
(٣) ترجمته في: فوات الوفيات (٢/ ٤٠٩) والدرر الكامنة (٢/ ٤١٧) وطبقات السبكي (٦/ ١٣٢) والنجوم الزاهرة (٨/ ٢١٢) وحسن المحاضرة (١/ ٣٥٧) وشذرات الذهب (٦/ ١٢) والدارس (١/ ٢٢).
(٤) في ب: والجهات والأقطار.
(٥) وهو أربع مجلدات في الدرر. قال بشار: نشر الأستاذ جورج فايدا مختصره باللغة الفرنسية، ونسخه موجودة.
(٦) ذكر صاحب الوفيات جميع هذه المصنفات وغيرها.
(٧) في ط: الأمراء. وهو تصحيف.
(٨) في ب والدرر: خامس عشر.

<<  <   >  >>