للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي هذا الشهر رسم نائب السلطنة بتخريب قريتين من وادي التيم وهما مَشْغَرا (١) وتلفياثا (٢)، وسبب ذلك أنهما عاصيتان، وأهلهما مفسدون في الأرض، والبلدان والأرض حصينة لا يصل إليهما إلا بكلفة كثيرة لا يرتقي إليهما إلا فارس فارس، فخربتا وعُمر بدلهما في أسفل الوادي، بحيث يصل إليهما حكم الحاكم والطلب بسهولة، فأخبرني الملك صلاح الدين بن الكامل أن بلدة تلفياثا عمل فيها ألف فارس، ونقل نقضها إلى أسفل الوادي خمسمئة حمار عدة أيام.

وفي يوم الأربعاء السادس والعشرين منه درّس القاضي شمس الدين الغزي نائب الحكم بالمدرسة الناصرية الجوانية، تركها له مستنيبه قاضي القضاة تاج الدين السبكي، وحضر عنده القضاة وكاتب السر وجماعة من الأعيان، وأخذ في قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً﴾ [البقرة: ٢٧٤] وذلك بعد ثبوت المكتب من مدّةٍ متطاولة، إنّما تكون لحاكم البلد فصدق الاسم، ولو على النائب للحاكم. وفعل ذلك.

وصُلّي على الملك الصالح صاحب ماردين (٣) صلاة الغائب بعد صلاة الجمعة بجامع دمشق في الثامن والعشرين منه، من هذه السنة، وقد جاوز الثمانين، منها في الملك ستون سنة - رحمه الله تعالى -.

شهر صفر، أوّله الإثنين، في مستهله ركب الصاحب علم الدين داود ناظر الدواوين وناظر الجيوش المنصورة بدمشق إلى الديار المصرية على خيل البريد مطلوبًا من هناك طلب إكرام عن طلبة لذلك (٤).

وفي يوم الجمعة خامسه (٥) بعد الصَّلاة صُلِّي على قاضي القضاة جمال الدين يوسف (٦) ابن قاضي القضاة شرف الدين أحمد ابن أقضى القضاة ابن الحُسَين الكَفْري (٧) الحنفي، وكانت وفاته ليلة الجمعة المذكورة بعد مرض قريب من شهر، وقد جاوز الأربعين بثلاث من السنين، ولي قضاء قضاة الحنفية، وخطب بجامع يَلْبُغَا، وأحضر مشيخة النفيسية (٨)، ودرس بأماكن من مدارس الحنفية، وهو أول من خطب بالجامع المستجد داخل باب كَيْسَان بحضرة نائب السلطنة.


(١) في ياقوت (٥/ ١٣٤): مَشْغَرى.
(٢) في ط: تلبياثا. وأثبتنا ما في الدارس (٢/ ٣٦٨) وكذلك هي في ياقوت (٢/ ٤٢).
(٣) هو صالح بن غازي، ترجمته في تاريخ ابن قاضي شهبة ٣/ ٢٦٣.
(٤) ليست في أ وب وط. وهي في الأصل.
(٥) في ط: سادسه. وهو غلط.
(٦) ترجمته في الوفيات لابن رافع (٢/ ٢٩٧) وتاريخ ابن قاضي شهبة (٣/ ٢٦٩) والدرر الكامنة (٤/ ٤٤٦) والنجوم الزاهرة (١١/ ٨٦) والذيل التام (١/ ٢١١).
(٧) في ط: المزي. وهو توهم.
(٨) هي دار حديث قبلي المارستان الدقاقي. الدارس (١/ ١١٤).

<<  <   >  >>