طهور. وسألتها عن الحفاف فقالت لها: إن كان زوج فاستطعت أن تنزعي مقلتيك فتصنعيهما أحسن مما هما فافعلي.
وبعد فذلك مجمل ما أحدث الإسلام من الأثر في قلب المرأة ولبها وعادتها وهيئتها
فأما فضائلها التي جملها الله بها في عهد جاهليتها؛ فقد ازدادت رسوخاً وتمكيناً في عهد إسلامها، حتى بلغت بها غاية جلالها وكمالها.
فقد حدّث البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى النساء بعد صلاة العيد. فكلمهن في الصدقة. فأخذن ينزعن الفتُخ والقِرَطة والعقود والأطواق والخواتيم والخلاخيل ويلقينها في ثوب بلال - وكان بلال قد بسط ثوبه ليضع فيه النساء صدقاتهن.
وبذلك رقأت عبرة اليتيم، وبردت لوعة المسكين.
وكذلك فعل النساء حين نزلت آية الصدقة:(إنَّ المُصَّدّقِين والمُصّدّقاَتِ وأْقَرضُوا اللهَ قرْضاً حَسَناً يُضَاعَفُ لَهمْ ولهم أَجْرٌ كرِيمٌ).
وكان كثير من الإحسان في الجاهلية مما تثيره المنافسة، وحسن الأحدوثة فأصبح بالإسلام مما تفيض به الرحمة، ويبعثه ابتغاء مرضاة الله.
فقد حدث ابن سعد عن عروة قال: رأيت عائشة تَصدق بسبعين ألفاً، وأنها لترقع جانب درعها.
وحدث عن أم ذرة: بعث ابن الزبير إلى عائشة بمال في غرارتين يبلغ مائة ألف، فدعت بطبق - وهي يومئذ صائمة - فجعلت تقسم في الناس. فلما بلغ أمست قالت: يا جارية، هاتي فطري. فقالت أم ذرة: أما استطعت فيما أنفقت أن تشتري بدرهم لحماً تفطرين عليه، فقالت لا تَعنّفيني! لو كنت أذكرتني لفعلت.