للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يمينه الخير ويعده بالإمارة في ظل بني أميةَّ لو أغمد سيفه وبسط للبيعة يده.

دخل عبد الله على أثر ذلك على أمه فقال يا أمه! خذلني الناس حتى أهلي وولدي، ولم يبقى معي إلا اليسير ومن لا دفع له أكثر من صبر ساعة من النهار وقد أعطاني القوم ما أردت من الدنيا فما رأيك؟ فقالت: الله الله يا بني! إن كنت تعلم أنك على حق تدعو إليه غامض عليه ولا تمكن من رقبتك غلمان بني أمية فيلعبوا بك. وإن كنت أردت الدنيا فبئس العبد أنت. أهلكت نفسك ومن معك. وإن إني كنت على حق فلما وهن أصحابي ضعفت نيتي فليس فعل الأحرار ولا من فيه خير، كم خلودك في الدنيا؟ القتل أحسن ما يقع بك يا ابن الزبير. والله لضربة بالسيف في عز أحب إلى من ضربة السوط في ذل. فقال: يا أماه، أخاف إن قتلني أهل الشام أن يمثلوا بي ويصلبوني، قالت يا بني إن الشاة لا يضرها السلخ بعد الذبح، فامض على بصيرتك واستعن بالله فقبل رأسها وقال لها هذا والله رأيي، والذي قمت به داعياً إلى الله والله ما دعاني إلى الخروج إلا الغضب لله عز وجل أن تهتك محارمه، ولكني أحببت أن اطلع على رأيك فيزيدني قوة وبصيرة مع قوتي وبصيرتي، والله ما تعمدت إتيان منكر، ولا عملا بفاحشة، ولم أجر في حكم، ولم أغدر في أمان، ولم يبلغني عن عمالي حيف فرضيت به، بل أنكرت ذلك، ولم يكن شيء عندي آثر من رضاء ربي، اللهم إني لا أقول ذلك تزكية لنفسي، ولكن أقوله تعزية لأمي لتسلو عني. فقالت والله إني لأرجو أن يكون

عزائي فيك جميلا إن تقدمتني أحتسبتك، وإن ظفرت بظفرك. اخرج حتى أنظر إلام يصير أمرك ثم قالت: اللهم أرحم طول ذلك القيام بالليل الطويل، وذلك النحيب والظمأ في هواجر مكة والمدينة، وبره بأمه، اللهم إني قد سلمت فيه لأمرك، ورضيت فيه بقضائك، فأثبني في

<<  <  ج: ص:  >  >>