اللهم إن ذلك سر عظمة القوم، سبيل نهضتهم، ومُنْبعَثَ قوّتهم. وإليه مرجع استبسالهم واستماتتهم.
ولعمري لقد عمد عبد الله إلى أبيه فحوله عن رأيه ووجْهه ومبدئه في أدق مواقفه وأخطر مشاهده وهو دون الأربعين وأثرت فيه أمه برأيها وقولها في إحراج أمره وأهول سَاعِهِ وقد أطل على السبعين.
وأما موقفه حيال أمه فقد علمته. وأما موقفه حيال أبيه فذلك بعد أن بايع علياًّ عليه السلام وعقد له من عهده وذمته على السمع والطاعة له فما زال عبد الله به حتى نقض بيعة أمير المؤمنين، وخلع طاعته، وشرع السيف في وجهه بعد أن شايعه منا أهل البيت حتى أدركه ابنه عبد الله فلفته عنا.
وبعد فقد علمت مما سلف أن المرأة المسلمة اجتمع لها من وسائل التربية ومجالات العمل ما لم يجتمع لأخرى ممن سواها، من إقرار بحقها وإمعان في احترامها وما شاة في الرأي والعمل لها إلى غير مدى ولا غاية في ذلك كله كل أولئك إلى ما علمت من رجاحة في العقل، وسماحة في الرأي واستمكان من الفضية، وبلوغ إلى الغاية القصوى من جلال الدين وفرط اليقين، مما جعلهن أعرف خلق الله بتكوين الرجال، والتأثير فيهم، والنفاذ إلى قلوبهم، وتثبيت دعائم الخلق العظيم بين جوانحهم، وفي مسارب دمائهم. ومن أجل ذلك كان أبناء النابهات الممتازات من النساء أنبل وأفضل وأمثل منم أبناء النابهين الممتازين من الرجال. حتى لا تكاد تقف على عظيم ممن راضوا أشماس الدهر وذلت لهن نواصي الحادثات إلا وهو ينزع بِعِرْقة إلى أم عظيمة. فالزبير بن العوّام قامت بأمره