أمه صفية بنت عبد المطلب فنشأ على طبعها وسجيتها. والكلمة العظماء
عبد الله والمنذر وعروة أبناء الزبير ثمرات أمهم أسماء بنت أبي بكر وما منهم إلا له الأثر الخالد والمقام المحمود.
وعلي بن أبي طالب كرم الله وجه تنقل في تربيته بين صدرين من أملأ صدور العالمين حكمة وأحفلها بحلال الخلال، فكان مغداه على أمه فاطمة بنت أسد، ومراحه على خديجة بنت خويلد زوج رسول الله، ومكانهما من الفضل وبعد الرأي ما علمت. وعبد الله بن جعفر سيد أجواد العرب وأنبل فتيانهم تركه أبوه صغيراً فتعاهدته أمه أسماء بنت عُمَيس، ولها من الفضل والنبل مالها. وَمعاوية بن أبي سفيان أريب العرب وأَلمَعِيُّها ورث عن أمه هند بنت عتبة ما لم يرث عن أبي سفيان. وهي القائلة - وقد قيل لها ومعاوية وليد بن يديها إن عاش معاوية ساد قومه - ثكلته إن لم يسد إلا قومه. ولما نعي إليها ولدها يزيد بن أبي سفيان قال لها بعض المعزين إنا لنرجو أن يكون في معاوية خلف منه. فقالت: أو مثل معاوية يكون خلفاً من أحد؟ والله لو جمعت العرب من أقطارها ثم رمى به فيها لخرج من أيها شاء.
وكان معاوية إذا نوزع الفخر بالمقدرة وجوذب المباهات بالرأي انتسب إلى أمه فصدع بذلك أسماع خصمه. ومن قوله في سجال الفخر لابن الزبير: أنا ابن هند، أطلقت عقال الخرب فأكلت السَّنام وشربت عنفوان المَكْرَع، وليس للآكل إلا الفَلْذَة، ولا للشارب إلا الرّنَق.