يا أيها الركب إني غير تابعكم ... جتى تلموا وأنتم بي ملمونا
فما أرى مثلكم ركباً كشكلكم ... يدعوهمو هوى إلا يعوجونا
أم خبروني عن داء بعلمكم ... وأعلم الناس بالداء الأطبونا
قال نصيب فو الله لقد زهوت بما سمعت زهواً خيل إلى أني من قريش، وأنّ الخلافة لي، ثم قالت حسبك يا بنية. هات الطعام يا غلام. فوثب الأحوص وكُثَيرٌ وقالا: لا والله لا نطعم لك طعاماً، ولا نجلس لك في مجالس. فقد أسأت عشرتنا واستخففت بنا. وقدّمت شعر هذا على أشعارنا، وأسمعت الغناء فيه، وإن في أشعارنا لما يفضل شعره، وفيها من الغناء ما هو أحسن من هذا فقالت: فأي شعر كما أفضل من شعره؟! أقولك يا أحوص كذا كذا، وقولك يا كثير كذا كذا، وذكرت لهما أبياتاً أساءا فيها إلى النساء فخرجا مغضبين! واحتبستني فتغديت عندها، وأمرت لي بثلاثمائة دينار وحُلتين وطيب، ثم دفعت إلي مائتي دينار، وقالت ادفعها إلى صاحبيك فإن قبلاها وإلا فهي لك. فأتيتهما منازلهما فأخبرتهما القصة. فأما الأحوص فقبلها، وأما كثير فلم يقبلها، فأخذتها وانصرفت. قال عبد الله بن إسماعيل فسألت نصيباً: ممن المرأة؟ فقال من بني أمية ولا أذكر أسمها ما حييت.
وإذا نحن وازنا بين ثلاثة الشعراء وجدنا الأحوص وكُثَيَّراً قد ذهبا من ورقة القول، ودقة النسيج كل مذهب. على أن الحق الذي لا يماريان فيه أنّ شاعر
حديثنا أشرفهم، وأكرمهم خلقا، وأنباهم عن هجر الكلام ومن أجل ذلك آثرته المرأة وأثابته وأنبهت شعره وذكره.