للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كل ذلك بينا تجد عبد الملك بن مروان الخليفة الأموي يضع خمسمائة دينار بين يديه وعنده من الشعراء جرير والفرزدق والأخطل لتكون مثوبة لمن يكون أشد مدحاً لنفسه فيمن سواه.

وعلى ذكر كثير ونقد شعره نقول إنه خرج ذات مرة إلى البادية فدفع به طريقه إلى خباء لقطام علقمه فنزل بها وعرفها بنفسه فقالت له أنت كثير؟ أنت الذي تقول:

فما روضة بالحزن باكرها الندى ... يمج الندى جثجاثها وعرارها

بأطيب من أردان عزة مَوْهِناً ... إذا أوقدت بالمندل الرطب نارها

قال: نعم. قالت: وهل أبقيت لعزة من الفضل فوق ما لهذه اللبنة الملقاة؟ أو لا تراها إذا أوقد المندل الرطب فوقها عبق منها ما يعبق من عزة؟ هلا قلت كما قال امرؤ القيس:

ألم ترياني كلما جئت طارقاً ... وجدت بها طيباً وإن لم تَطَّيب

فخرج كثير واستحيا بعد أن ملأ فخراً بنفسه.

وإن من أعجب الأشياء أن تضع زوج أحد الشاعرين المتكافئين قوة وشيعة رأيها في كفة خصمه وتلك هي النور بنت أعين زوج الفرزدق همام بن غالب. سألها زوجها رأيها فيه وفي جرير فقالت: إن جريراً شاركك في مره وانفرد دونك في حلوه.

<<  <  ج: ص:  >  >>