للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا نكذب الحق فقد ظهر من الشواعر أخذن بطرف من ذلك اللغو. على أن هؤلاء لسن في شيء من موضوع كتابنا. فهن نوازح من الجواري جيء بهن إلى مدن العراق والشام والأندلس مما والاهن من الأقطار فتصدين لرجال العرب بما شئن من دعابة وتأنق، فظهر كثير من السرف والتهتك على مقالهن، حتى لقد سترن بذلك الانحسار تلك الملاحة الروحية المعنوية في المرأة العربية، فتضاءلت

وتراجعت وقذف بها ذلك السيل الأتي إلى مكان سحيق، وسنفرد القول في ذلك في الجزء الثالث من كتابنا إن شاء الله.

وإذا كانت المرأة العربية قد استمدت وحي البلاغة وسحر البيان من صبيب قلبها وخطرات سرائرها، فإن الرجل لم يستمد ذلك كله إلا من المرأة نفسها.

وهل رأيت شاعراً ممن طار شعرهم كل مطار. وسار ذكرهم كل مسار يستمد خواطر شعره، أو يصطفي الحرّ السني من معناه وخياله إلا من المرأة؟.

وكم قصيدة من تلك التي قيلت في العظائم وقدمت إلى العظماء لم تكن المرأة إلا مطلع أمرها ومنبلج فجرها؟

نقف الآن إلى ذلك الحدّ من منزلة المرأة في الأدب العربي وإنا لعائدون إليه إن شاء الله فيما نختاره لها من شئون وفنونه. ونأخذ ببقية القول في أثرها العلمي فنقول.

لم تقف بالمرأة العربية قريحتها عند حدّ النبوغ في التشريع الإسلامي، والأدب العربي. فقد أخذت بنصيب موفور من النهضة التي استحدثها المسلمون عَمَّن سواهم من الأمم ذوات التاريخ الحافل والمجد القديم.

وأخصن ما عنين به الطب، فهنّ فوق ما ورثنه عن أمهاتهن من أسْو الجراح، وجبر العظام، برعن إلى غير حدّ في بقية فروع الطب مما نقوله عن اليونان

<<  <  ج: ص:  >  >>